 الناصرية / حسين العاملفي الوقت الذي دعا فيه مدير آثار ذي قار الحكومة الاتحادية والبرلمان إلى اعتماد المحافظة عاصمة العراق الأثرية لكثرة ما تحتويه من مواقع أثرية ومبان تراثية، ناشد البرلمان بمقاضاة القوات الأميركية ومطالبتها بتعويضات عما ألحقته من أضرار بالمواقع الأثرية في ذي قار.
وقال المفتش الآثاري عامر عبد الرزاق في لقاء خص به "المدى": إن اعتماد محافظة ذي قار عاصمة أثرية للعراق من شأنه أن يحفز المنظمات الدولية ومن بينها اليونسكو للاهتمام بالمواقع الأثرية في المحافظة التي تضم أكثر من 1200 موقع أثري وثمانية آلاف مبنى تراثي.وأضاف مدير آثار ذي قار "كما سينعكس ذلك إيجابا على إنعاش الحركة السياحية والاقتصادية في عموم المحافظة".ولفت عبد الرزاق إلى أن أهمية محافظة ذي قار لا تعود فقط إلى العدد الكبير من المواقع الأثرية فيها " بل أيضا للقيمة الحضارية لتلك المواقع كونها تضم مدينة أريدو التي تعد أقدم مدينة متحضرة في العالم ويعود تاريخها إلى خمسة آلاف سنة قبل الميلاد، ومدينة أوما التي شهدت حكم أول مملكة وحدت دويلات المدن".وتابع بالقول: "كما تضم المحافظة موقعا أثريا في تل العويلي والذي يعود إلى 6500 سنة قبل الميلاد، يعد أقدم موقع أثري في وسط وجنوب العراق بحسب البعثات الفرنسية التي نقبت سابقا في الموقع المذكور"، مضيفا "فضلا عن مدينة أور التاريخية ومدن لكش وكرسو ولارسا وغيرها من المدن الأخرى التي لا تقل أهميتها عما تم ذكره".وعن توفر البنى التحتية لاعتماد ذي قار عاصمة أثرية للعراق، قال عبد الرزاق: "لا أخفي أن قطاع الآثار بحاجة إلى المزيد من الاهتمام والأموال لتأهيل المواقع الأثرية وإنشاء بنى تحتية للآثار كونها شبه معدومة في الناصرية نتيجة غياب الاهتمام الجدي من قبل الحكومة بالواقع الآثاري".وأكد قلة التخصيصات المالية للآثار في الموازنة الاتحادية، مبينا أن "مجمل موازنة وزارة السياحة والآثار لا يوازي حتى 5% من موازنة وزارة الشباب والرياضة"، منبهاً إلى أن "الدعوة لاعتماد ذي قار لتكون العاصمة الأثرية للعراق يهدف إلى الارتقاء بواقع الآثار وزيادة الاهتمام والنهوض به".وعما تعرضت له المواقع الأثرية من أضرار خلال تواجد القوات الأميركية، أوضح مدير آثار ذي قار، أن تواجد القوات الأميركية بالقرب من المواقع الأثرية وسيطرتها على البعض منها تسببت بأضرار كبيرة لتلك المواقع لاسيما مدينة أور التاريخية.وكشف عبد الرزاق أن "القوات الأميركية منعت حتى الآثاريين من دخول مدينة أور وتفقد مواقعها وحولتها بالتالي إلى جزء من الثكنة العسكرية على مدى خمس سنوات"، مؤكدا أن "القوات الأميركية والقوات المتحالفة معها أسهمت بالتشجيع على نهب المواقع الأثرية من خلال غض النظر عن نهب وسرقة تلك المواقع والمتاحف وعدم تأمين الحماية الكافية لها"، على حد قوله.وتابع بالقول: "بعد أن اطلعنا وتحققنا من حجم وجسامة الأضرار التي ألحقتها القوات الأميركية بالمواقع الأثرية، طالبنا الإدارة الأميركية بتعويض مالي لصيانة وتأهيل المواقع المتضررة، ونحن بدورنا نناشد مجلس النواب بتبني دعوة قضائية لمطالبة الجانب الأميركي رسميا بالتعويض".وألمح عبد الرزاق إلى أن دعوته هذه التي أطلقها مؤخرا عبر وسائل الإعلام لاقت العديد من الاعتراضات من جهات رسمية وغير رسمية، فضل عدم الكشف عنها في الوقت الحاضر، لافتا إلى أنه تلقى العديد من الاتصالات بهذا الخصوص.وتساءل عبد الرزاق "لا أعرف ما الضير في مطالبة الأميركان بتعويضات عن خسائر وأضرار تسببوا بها وأدت إلى تعرض العديد من المواقع الأثرية للضرر والنهب والعبث بمحتوياتها".وعن مدى استجابة الإدارة الأميركية لمطلب التعويضات، قال مدير الآثار: "نحن أطلقنا الدعوة وطالبنا بالتعويض فإن استجاب الجانب الأميركي لذلك فقد حققنا ما ينصف إرثنا الحضاري ويعوض جزءا من خسارتنا التي لا تقدر بثمن، وأن لم يستجيبوا فإننا سوف نكشف بذلك الوجه الآخر للقوات الأميركية التي تعاملت مع الإرث والتراث الإنساني والحضاري بصورة غير متحضرة"، على حد تعبيره.