TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن: رئيس الوزراء وابنه !!

العمود الثامن: رئيس الوزراء وابنه !!

نشر في: 21 مارس, 2012: 10:40 م

 علي حسينيحلو لنا دائما أن نعتقد أننا قوم متفردون في المزايا والخصال ، أوتينا من الحكمة والعبقرية ما لم تحظ به شعوب أخرى كثيرة . لكن الحقيقة التي أثبتتها السنين والأيام تؤكد أننا شعب مستسلم لقدره ، خانع يتعرض إلى أقسى عقوبات الحاكم وهو راض عن  مصيره ، هاتفا من اعماق قلبه كل يوم : "الله يخلي الريس".
تقوم الدنيا ولا تقعد لأخطاء بسيطة يرتكبها بعض المسؤولين في معظم بقاع الارض ، فيما نحن نعيش في ظل حكومة اغلقت اسماعها وابصارها عن معاناة الناس، حكومة أغمضت عينيها ولا تريد أن تعرف أن العديد من حكومات العالم المنتخبة تسقط حين تفشل في الإيفاء بوعودها للناس فيما ساستنا لا يزالون مصرين على انهم منتخبون من الشعب، فيما الشعب المسكين لا يعرف حتى أسماء البعض منهم ولم يتسنَ له التعرف على الانجازات العظيمة لهم في مجال السياسة والعلوم والاقتصاد.حكومة أوجعت رؤوسنا بكلمة الشعب للكذب على الناس دون أن تكون عندها أية قيمة لهذا الشعب، حكومة اختصرت الديمقراطية في صندوق وبطاقة انتخاب ولافتة تأييد، بعد أن نزعت منها الروح وجعلتها مسرحية هزلية.حكومة تصدّر لنا تصريحات فاسدة فقدت صلاحيتها من كثرة الأستخدام. نقرا أخبار العالم فنشعر بالحسرة على سنوات ضاعت وسنوات أخرى في طريقها الى الضياع بسبب سياسيين اعتقدوا انهم ملكوا هذا الشعب وسجلوه طابو ضمن أملاكهم الخاصة . الخبر الذي جرى في إحدى دول الديمقراطيات الحقيقة يقول ان ابن رئيس الوزراء  -الذي لا أريد أن اذكر بلده كي لا اتهم بالترويج للامبريالية - تقول وقائعه إن الابن  غادر مكان خدمته في الجيش دون معرفة الضابط المسؤول عنه، وتوجه إلى البيت ليشارك والده ووالدته العشاء ، وعندما علم الضابط بمغادرته حاول الاتصال به على جهازه المحمول، لكنه لم يرد، واكتفى بإرسال رسالة ، يقول فيها إنه خرج في أمر ما ، ولكن طال انتظار الضابط لساعات، ليكتشف أنه كان في بيت والده، رئيس الوزراء ، يتناول العشاء، وتم فورا إجراء محاكمة  للابن ، صدر على إثرها قرار حجزه في المعسكر 3 أسابيع.هكذا تحمي الدول مواطنيها بديمقراطية حقيقة ونزيهة، وعمل مخلص وجاد ، فيما تحولت ديمقراطيتنا إلى جهنم تكوي الناس بلهيبها من خلال سياسيين يعتبرون مجرد الإشارة الى أخطائهم بانه كفر والحاد وعمل من أعمال الشيطان.  في عراق اليوم يصر العديد من الساسة على المضي قدما في اعادة انتاج نظام دكتاتوري جديد ، انها نفس الرحلة التي قطعها صدام حين أصبح هو لسان الشعب وحال الشعب والحاصل على تفويض الشعب ، لتكون النتيجة في النهاية انه ألغى الشعب بأكمله. هكذا تسير الأمور عندنا على هوى المسؤولين وليس على قواعد بناء دولة حديثة لا تتغير مع اتجاهات حكامها، ولا تتلون بلون الغالبية المؤقتة. دولة للجميع وليس للراقصين على الحبال وتجار الانتهازية والمحسوبية وسراق المال العام.  اليوم جنرالات الحكم يصفون الخارجين عن طاعتهم بأنهم قلة مندسة، مثلما كان صدام يصف معارضيه بأنهم خانوا الوطن ، هذه هي الوصفة الحقيقة لإنتاج أنظمة الاستبداد ، النموذج الذي قدمته هذه الدولة بمحاسبة ابن رئيس الوزراء  يعلمنا جيدا كيف تكون الديمقراطية، محاسبة المسؤولين على أفعالهم تجاه قضايا الناس، لا أن يحاسب المسؤول الناس وينصب نفسه وصيا على حياتهم، ولكي نؤسس لديمقراطية حقيقية لابد من مناقشة البدائية السياسية التي يتمسك بها بعض السياسيين ونسمي الأشياء بأسمائها الحقيقية، فهناك فرق بين بناء دولة مدنية تحمي وتصون حقوق المواطن وتسعى للسير بالوطن إلى آفاق التقدم والتحضر والازدهار، وبين دولة ترفع شعارات زائفة للديمقراطية توهم الناس بأنها -أي الديمقراطية- مجرد انتخابات وفضائيات وتظاهرات،  وإذا كنا جادين في الحديث عن مستقبل هذا البلد لابد من فضح خفافيش الديمقراطية، وإلا سنصبح مثل الرئيس الغابوني السابق عمر بانجو الذي أوصى قبل ان يموت ان تسلم امور البلاد الى ابنه لانه الاعرف والاعلم بشؤون البلاد من بعده.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

جلسة "القوانين الجدلية" تحت مطرقة الاتحادية.. نواب "غاضبون": لم يكن هناك تصويت!

القانونية النيابية تكشف عن الفئات غير مشمولة بتعديل قانون العفو العام

نيمار يطلب الرحيل عن الهلال السعودي

إنهاء تكليف رئيس هيئة الكمارك (وثيقة)

الخنجر: سنعيد نازحي جرف الصخر والعوجة

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram