TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > رينيكه دايكسترا تجعل من البشع ساميا

رينيكه دايكسترا تجعل من البشع ساميا

نشر في: 23 مارس, 2012: 06:33 م

ترجمة : عباس المفرجيحتى قبل أن يمتلك الجميع كاميرا ديجيتال ، كان التقاط الصور براعة عالمية عصرية . لكن اكثر من ذلك ، كانت لسنوات طويلة براعة عالمية أن تكون مصوَّرا . لبضعة عقود الآن ، بات الجميع يعرفون كيف يضعون وجها على لعبتهم وينتظرون الطقطقة . الفوتوغرافية الهولندية رينيكه دايكسترا أصبحت شهيرة باعتمادها ذلك نقطة انطلاقها ،
 ثم صارت تتساءل ، ماذا يحدث عندما لا يمكن أن نتخذ وضعة التصوير . الجواب : لحظة الحقيقة . شيء واحد تتعلمه من المعرض الإستعادي لدايكسترا ، المقام حاليا في متحف الفن الحديث في سان فرانسيسكو ، وسينتقل في حزيران الى متحف سلومون آر غوغنهايم في نيويورك ، وهو انه لا يهم كثيرا كم مرّة تحاول أن تضع قناعا اجتماعيا ، فهو ما يلبث أن ينزلق .بعد تخرجها من مدرسة أمستردام للفنون عام 1986 ، عملت دايكسترا ، التي تبلغ الثانية والخمسين من العمر ، مصورة بورتريهات في مجلة أعمال هولندية . كان عملا محبطا أن تلتقط صوراً لمدراء مؤسسات ورجال أعال كانوا يعرفون جيدا كيف يبقون متأهبين . ( لماذا ، برأيك ، يسمّون هؤلاء الأشخاص "البذلات"؟) في النهاية ، تحوّلت الى مصورة حرّة اكثر ، مع عين لأفكار مستوحاة قد تبدو متناقضة : أوغست ساندر ، الذي قام بعملية جرد فوتوغرافية لشرائح نموذجية من المجتمع الألماني في سنوات العشرينات والثلاثينات ؛ دايان آربوس ، التي لم يكن لها اهتمام بأي شيء نموذجي ، بل ميل الى المبعدين اجتماعيا . ما يهم دايكسترا كان كيف يجعلك الفوتوغرافيون ترى أفرادا خاصّين داخل فئات عامة ــ معلم وفلاح ، بالنسبة لساندر ، قزم ودراغ كْويين [ رجل يرتدي ملابس نساء ] ، بالنسبة لآربوس .بزمن قياسي صار لدايكسترا جمهورا عالميا . في أوائل التسعينات ، وفي سبيل مشروعها ، الذي يعَّد اكتشافاً هاماً ، سعت  بعدستها وراء المراهقين على الشواطئ في الولايات المتحدة وأوروبا ليقفوا أمامها بمواجهة خلفية عارية لسماء ، بحر وشاطئ . إذا كانت جلسات التصوير طويلة ، كان الصبية يأخذون وقتهم . بعض منهم ، خصوصا الأميركيين ، يحاولون ببسالة ــ وبشكل عام يقصرون عن ذلك ــ وضعة الإغراء ورباطة الجأش التي يظنون أن عليهم اتخاذها . أما مراهقو أوروبا الشرقية ، الذين ترعرعوا في مجتمعات شيوعية محرومة من الإعلام الغربي ، فلا يعرفون تماما ما يجب عليهم فعله أمام الكاميرا . لكن بالنسبة لهم جميعا ، من خلال خراقتهم إنما تتبدى قوتهم الحقيقية . فتاة بولندية بتعبير متردد انسجمت بلا وعي مع وضعة فينوس لبوتيتشيلي . ما يدعو للاستغراب ، هذا هو ما بدت عليه أيضا فتاة تتصنّع الفتنة في ساوث كارولاينا . صبي على الشاطئ في أوكرانيا ، نحيل الذراعين والساقين ، يغدو رمزا تاما للحيوان البشري البشع .بأمل أن تقبض بعدستها على الناس وهم محرومون من دفاعاتهم ، بدأت دايكسترا بتصويرهم عقب حدث ما منهك . جعلت النساء يأخذن وضعة التصوير بعد الولادة مباشرة ، غالبا وهنّ واقفات عرايا بينما يحملن موالديهنّ الجدد . واحدة من هذه النساء تواجه العدسة بتعبير مدوَّخ قليلا بينما ينساب خيطا رقيقا من الدم على ساقها . التقطت دايكسترا صورهنّ في البيوت ، حيث اغلب النساء الهولنديات يلدن ، لكن في مواجهة جدران عارية ، لمسة الحياة المنزلية الوحيدة فيها هي مِقبَس التيار الكهربائي. بحلول عام 1994 ، بدأت تعمل أيضا بورتريهات للبرتغاليين الفوركادوس ــ مصارعو الثيران الهواة الذين يخضعون الثيران في الملعب بأيديهم المجرّدة من أي سلاح . صوَّرتهم بعد عودتهم مباشرة من المصارعة ، ينزفون دما ويجرّون أقدامهم ومخدشين ، قد يكون هؤلاء الرجال من التعب الشديد الى حد أنهم لا يبدون أي سيماء زائفة . لكن مع صور دايكسترا عن الأمهات الجدد ، تكمن القوة الخام في هذه البورتريهات في الطريقة التي يتناقض فيها الواقع ــ ضمادة الشاش الناقصة على نحو ميئوس منه ، الخيوط المنسلّة للجاكيت المطرّز ــ مع العُرف المصوّر بطريقة رومانتيكية . بتجميع الكثير جدا من الصور ، فإن المعرض الإستعادي لدايكسترا، الذي أقيم برعاية مشتركة بين جنيفر بلسنغ من متحف غوغنهايم وساندرا أس فيليب من متحف سان فرانسيسكو للفن الحديث ، يكشف أيضا عن حدود فن التصوير كطريق داخل روح الشخص الآخر . في 1994 ، التقت دايكسترا فتاة بوسنية تبلغ من العمر ست سنوات في مركز هولندي للاجئين ، فقامت بتصويرها دوريا منذ ذلك الحين . تعرض سلسلة الميريسا التغيرات التي حدثت في مظهرها وسلوكها اللذين يحددان نشوئها كامرأة ناضجة وأم ، مع ذلك تبقى شخصا لا يمكن الحكم عليها . تميل الفوتوغرافية أكثر الى التصوير في الخارج ، مثل المتنزه في أمستردام ، حيث صوّرت صبيا مهزولا جالسا على سياج خشبي على بركة ، لأنها هناك يمكنها ان تشبع رغباتها في الكشف عن الحياة الداخلية لمواضيعها. تماما مثل الماء والسماء اللذين يطوّقان مواضيعها من مرتادي شاطئ البحر ، فإن محيط الصبي المظلل يجعل الذهن مشغولا بالتوفيق بين هذا المحيط وهذا الصبي العصري القبيح .في منتصف التسعينات ومن ثم ثانية في عام 2009 ، صوّرت دايكسترا الفتية الذين إلتقتهم في نوادي الرقص في ليفربول و أمستردام ، مثل الفتاة الشقرا البالغة الطول التي تدعى ايمي ، والتي لها جسد نحيل لعذراء متأنقة

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram