حازم مبيضين لتنعقد قمة عربية في بغداد كان لابد من إجراءات أمنية معقدة للحفاظ على الحياة الغالية عند الشعوب العربية للزعماء الأفذاذ الذين سيتهافتون على عاصمة الرشيد لينالوا شرف المشاركة في تخريب حياة المواطن العراقي على المستويات كافة, وهكذا وجد العاملون في الصحافة العراقية أنفسهم في حالة ملتبسة بين الاسترخاء المفروض عليهم وبين قلق المهنة الذي يفرض عليهم
أشد حالات الاستنفار وهم في مدينة تنعقد فيها القمة بعد عشرين عاماً من سابقتها وفي ظروف عربية مفاجئة للجميع وعراقية مازالت تحت رحمة الهاجس الأمني والتفجيرات المتنقلة في شوارع المدن, وحالة من العداء المعلن بين السياسيين العراقيين تذكيها حالة من التنافس المرضي ( من المرض ) على الفوز بأكبر حصة من الكعكة التي خلفها سقوط نظام صدام حسين, قبل أن يتم الاعداد لنظام بديل يحفظ للمواطن العراقي كرامته وحقوقه الوطنية ويحفظ للدولة العراقية أمنها واستقرارها ويكرس دورها المحوري في المنطقة والإقليم. لا ندري إن كان قادة العراق الجديد يعلمون أن حضور الصحافيين وأجهزة الإعلام قريباً من أي قمة مهما كان مستواها أو طبيعة ما تبحثه موازٍ تماماً لحضور السياسيين أو القادة أو الزعماء, سمهم ما شئت, وأن غياب الصحفيين عن أي قمة يفقدها الكثير من عوامل نجاحها, إلا إن كان الهدف من قمة بغداد, هو قصر التشاور بين الزعماء, وتغييب الجماهير عما سيجري في أروقتها, ولسنا نجد مبرراً مقبولاً بأي شكل من الأشكال, لتعطيل عمل الصحافة العراقية, في وقت ينتظر فيه العالم من هذه الصحافة, تغطية ما يجري في القمة, مع ما نعرفه عن غياب الصحافة العربية والعالمية عن هذا الحدث, إما لإحجامها عن الحضور لأسباب أمنية, أو لأنها لم تدع أصلاً لحضورها, أو لأن السلطات العراقية لم تمكنها من الحضور, وهكذا فإن المنتظر لقمة بغداد إذا انعقدت, أن تكون كضر.. في سوق النحاسين. نتحدث عن تغييب الصحافة عن القمة للعلاقة المباشرة والوطيدة بين الطرفين, لكننا لا نغفل الأثر السلبي لانعقادها على حياة المواطنين خصوصاً في بغداد حيث تم تقطيع أوصالها بالحواجز الامنية, وتعطلت حياتها الاقتصادية والثقافية والفنية والرياضية والاجتماعية, ولعل من حق المواطن العراقي إن تفهم تلك الاجراءات في العاصمة حيث تنعقد القمة أن يسأل عن مبرر لها في البصرة أو الموصل أو تكريت أو كربلاء أو النجف أو أي مدينة عراقية لاعلاقة لها بالقمة, ولماذا تتعطل حياة الناس ومصالحهم في هذه المدن والبلدات التي يبعد بعضها عن موقع انعقاد القمة مئات الكيلومترات, ويبتعد ساكنوها عن الاهتمام بتلك القمة آلاف السنوات الضوئية, ولعل ما يعنيهم منها هو فقط معرفة كم خسر العراق من ملايين الدولارات لعقدها, وما الفائدة المرجوة منها.لا أدري إن كان هذا المقال سيرى النور قبل تعطيل المدى لكن الحرقة هي ما يدفعني للكتابة, وأنا البعيد عن قمة بغداد, فكيف هو حال الزملاء المجبرين على متابعتها وهم قابعون في منازلهم ومفروض عليهم الاسترخاء في وقت لا يحتمل مثل ذلك.
في الحدث :قمة..وعطلة الصحافة الإجبارية
نشر في: 23 مارس, 2012: 09:38 م