 هاشم العقابيمرت قبل ايام ذكرى عيد الأم. ورغم اني فقدت امي، مثل غيري الذين هم في عمري أو اكبر، الا اني ما زلت حين يمر اسم الام اتذكرها. ليس في الامر غرابة. فمن الطبيعي ان يتذكر الانسان امه مهما كبر به العمر أو طال فراقه عنها. لكن الغريب في حالتي هي اني ما ذكرت امي الا وغنيت لها، حتى لو بصمت: "يمه يا يمه" بطريقة داخل حسن.
وان لم يك العراقيون قد اعتادوا على تخصيص عيد للأم، لكن ما لفت نظري هو ان المطربين العراقيين من الرجال قد اكثروا من الغناء على امهاتهم بطريقة قد لا يكون لها مثيل عند الشعوب العربية الأخرى. لا ادعي اني قمت ببحث دقيق يؤكد ما ذهبت اليه، لكني استنفرت ذاكرتي وبحثت بحثا اوليا  فلم اجد عند المطربين العرب مثلما عند مطربينا من اغان تخص الأم. قد يكون من الطبيعي ان  تقصد الفتاة امها حين تحزن او تفرح. وكذلك تفعل حين تحب ربما لأن امها ملاذها الوحيد من ظلم الاب والاخوة والعشيرة والمجتمع. لكن لماذا يلوذ الرجل العراقي، هو الآخر بأمه، عندما يشتد به الحزن أو الحب ولا يذهب لأبيه مثلا؟ لا اظن ان عبد الحليم حافظ أو فريد الأطرش أو وديع الصافي أو كارم محمود أو محمد عبده قد ناحوا واستصرخوا امهاتهم مثلما فعل ويفعل داخل حسن وناصر حكيم  وعبد الصاحب شراد وسلمان المنكوب وسعدي الحلي وحسين نعمة وقحطان العطار وسعدون جابر، وغيرهم مما لا يحضرني من الأسماء الآن. شيء آخر ملفت للنظر أيضا. وهو ان أي مطرب عراقي لا يتحرج من ان يغني اغاني غيره من المطربين ودون استئذان ان كانت الاغنية تخص الام. فاغنية "يمه يا يا يمه" غناها المنكوب وحسين نعمة وغيرهم كثيرون من بعد ما غناها داخل. كذلك يصح القول في اغنية "يمه يا يمه شجرالي .. عذبن حالي الليالي"، التي تناوب على ادائها سعدي الحلي وقحطان العطار وكثير من مطربي "الجيل الجديد".وان كانت اغنية "غريبة من بعد عينج" تعد من اكثر أغاني الأم شهرة، فاغنية "حبيبي أمك متقبل من احاجيك" قد تكون من اكثر الأغاني الرجالية عن الأم تميزا وغرابة. والسبب برأيي قد يعود لان سعدي لم يمر على ذكر امه بها فقط، بل خاطب بها ام الحبيب أكثر من أمه. وسبب آخر هو ان سعدي جعل امه فداء لام الحبيب. وهذه وان كانت لا تخلو من قسوة وتخرج عن المألوف اجتماعيا، لكن سعدي يدرك ان امه ستتقبلها منه رغم قسوتها. ولا يستبعد انها قد تقول له لو سمعته يغني "لعيونك اروحن فدوه يهواي وامي فدوه لمك": يمه اروحلك فدوه انت واللي تحبه.