بغداد/ عبدالجبار العتابي على الرغم من حالة الارتباك والاستياء القائمة في بغداد، إلا أن بعض المواطنين يفسرون الإجراءات الأمنية المتخذة، بالعادية في بلد مثل العراق، يسعى إلى حماية ضيوفه الزعماء العرب وإكرامهم بالأمن لتعود بغداد إلى الحضن العربي.
فقد عطلت الإجراءات الأمنية غير المسبوقة التي اتخذتها الحكومة العراقية الحركة في أنحاء العاصمة بغداد، وأدت إلى تعطيل الأنشطة الثقافية والرياضية والفنية وصولاً إلى الاجتماعية والتجارية والتعاملات المالية aبعد أن أعلنت الحكومة منح المؤسسات الحكومية عطلة رسمية ابتداءً من يوم الأحد المقبل، ولغاية أول يوم أحد من الشهر المقبل، مع العطلة الاعتيادية الأسبوعية يومي الجمعة والسبت، وهو الأمر الذي يؤدي بشكل طبيعي إلى احتجاب الصحف عن الصدور طوال تلك المدة التي ستستمر فيها هذه الحال على مدى الأسبوع المقبل وما بعده، أي إلى ما بعد عقد مؤتمر القمة العربية في 29 الجاري.وتضمنت تلك الإجراءات إغلاق المنافذ الرئيسة في مناطق متفرقة وإغلاق عدد من الجسور بين جانبي العاصمة الكرخ والرصافة، وانتشار نقاط التفتيش التي تقوم بتفتيش السيارات بدقة، وهو ما يؤدي إلى عدم تبادل الزيارات بين الأقارب خلال تلك المدة لا سيما ما بين المناطق التي تفصل بينها شوارع رئيسية مهمة أو جسور.وقد ترافق كل هذا مع انتشار شائعات بأن أيام العطلة ستشهد حظراً للتجوال، وهو ما جعل اغلب العائلات تقوم بشراء المواد التموينية الأساسية وتخزينها، فيما يشير العراقيون إلى (نعمة) الهواتف الجوالة والإنترنت كونها تشكل وسائل اتصال وترفيه، في حالة الملل التي قد تصيبهم خلال أيام العطلة الطويلة والقسرية التي سيضطرون إلى قضائها في البيت، وهو الأمر الذي لم يعتادوا عليه كثيراً.الصحف العراقية أغلقت أبوابها منذ الخميس الماضي، وقررت إداراتها حجب صدورها إلى ما بعد القمة العربية، لأسباب عديدة من أهمها الإجراءات الأمنية التي يصعب معها وصول العاملين في الصحف إلى أماكن عملهم بسهولة، وصعوبة تحركاتهم الاعتيادية، وكذلك رغبة موزعي الصحف بذلك، لأنهم الذين يسيطرون على سوقها ويجدون أن حالهم حال المواطنين العاديين.فضلاً عن شكوى أصحاب المطابع من عدم تمكنهم من الطبع، بسبب تغيّب أغلب عمالهم، إلى جانب عدم وجود من يشتري الصحف طالما أن الناس في عطلة والشوارع شبه خالية، كما أنه من الصعب إرسال الصحف إلى المحافظات، نظراً لعدم وجود سيارات لإيصالها إلى مراكز البيع كالأيام الاعتيادية. لذلك، يرى الموزعون أنه من الأفضل أن لا تصدر الصحف، لأنها ستظل (نائمة) لديهم، وهو الأمر الذي يثير الاستغراب عند اغلب الصحافيين، الذين يستنكرون عدم صدور الصحف لمدة ثمانية أيام على الرغم من انعقاد القمة العربية التي يصفها البعض بـ"زاد الصحافة اليومي"، والتي يحتاج الناس إلى متابعة أخبارها اليومية وتفاصيل المستجدات فيها حتى موعد انعقادها.من جهتها، أعلنت سوق العراق للأوراق المالية، عن إيقاف التداول لمدة أسبوع ابتداءً من 25 آذار الحالي، بمناسبة انعقاد القمة العربية في بغداد والقرار الذي اتخذته الحكومة بتعطيل الدوام الرسمي فيها. وقال بيان صادر عن سوق العراق: "إن مجلس المحافظين قرر إيقاف التداول من يوم الأحد المقبل 25 آذار 2012 ولغاية الخميس 29 آذار 2012، لافتاً إلى أن "الجلسة الأولى للسوق ستكون بعد يوم الأحد الأول من نيسان 2012".الأمر ذاته انعكس على الأنشطة الثقافية، فقد تم تعليق وتأجيل النشاطات بشكل عفوي ومن دون الحاجة إلى إعلان ذلك، في إشارة واضحة إلى أن صعوبة الوصول هي التي تؤدي إلى عدم حضور المثقفين والأدباء لأي المنتديات، ومنها اتحاد الأدباء والكتاب الذي ظهرت بوادر تأجيل أنشطته الصباحية والمسائية منذ يوم الثلاثاء الماضي، حين تم تأجيل أمسية لعدم حضور العدد اللازم .فيما أشار أدباء إلى أن صعوبة الوصول الى مقر الاتحاد الكائن في وسط بغداد يحتم عليهم الغياب القسري، وبالتالي فإن أية جلسة لا يمكن أن تقام في مثل هكذا أجواء مرتبكة. قالت الأديبة إيناس البدران، مديرة منتدى نازك الملائكة، إنها عمدت إلى تأجيل الاحتفالية بربيع الشعراء، التي كان من المؤمل أن يقيمها المنتدى يوم الخميس الماضي في المعهد الفرنسي، بسبب عدد الحضور القليل، وإغلاق شارع أبو نواس الذي يقع المعهد على طرف منه.وتأجلت أيضا التدريبات التي تؤديها الفرق المسرحية إلى ما بعد مؤتمر القمة، بسبب العطلة كون التدريبات تجري داخل المسرح الوطني المشمولة إدارته بالعطلة الرسمية، وهذا يشمل أيضا تأجيل تصوير المسلسلات التلفزيونية لعدم تمكن اغلب الممثلين من الحضور في الموعد المحدد، فضلاً عن أن بعض المسرحيات ستتوقف لكونها تقع في شارع السعدون ومنطقة الباب الشرقي، وبالتأكيد أيضا ستغلق الأندية الاجتماعية والقاعات الفنية أبوابها للأسباب ذاتها.أما رياضياً، فقد توقفت المنافسات وأهمها دوري كرة القدم، إذ قرر الاتحاد العراقي لكرة القدم تأجيل منافسات الدوري العراقي الممتاز ودوري النخبة الكروي إلى مطلع الشهر المقبل نيسان (ابريل) بسبب قرب انعقاد مؤتمر القمة العربية في بغداد نهاية الشهر
قمّة بلا صحف.. وإيقاف إجباري للنشاطات الفنية والرياضية والثقافية
نشر في: 23 مارس, 2012: 09:59 م