بغداد – أحمد اللامييمر عصام صباح كل يوم من هذا المكان بالتحديد. وقبل شهرين رفض أحد سائقي سيارات الأجرة أن يوصله إلى هنا لأن ذاكرة الرجل مليئة بالقصص المؤلمة حول المكان، ما اضطر عصام إلى النزول بالقرب من الخط السريع وقطع الطريق وصولاً إلى "ساحة التحرير"، حيث مكان عمله، على قدميه.
المكان يوصف عادة بالقول: وسط بغداد، إنه "ساحة الطيران" و"الباب الشرقي" ثم "ساحة التحرير".يقول عصام، الذي يعمل في محل لبيع الأجهزة الكهربائية والساعات والموبايلات، أن "منطقة الباب الشرقي تمثل بعداً رمزياً لقدرة القوات الأمنية على السيطرة على العاصمة. فهي محاطة ومن جميع الجهات بعناصر الأمن. فبالقرب من الخط السريع يوجد مدخل وزارة الداخلية حيث عناصر الأمن على أهبة الاستعداد، ومن جهة ساحة التحرير توجد سيطرة عسكرية من أكبر السيطرات في بغداد، والأمر نفسه في شارع السعدون، ثم الجمهورية والنضال والشوارع الأخرى التي تتفرع لتلتقي في ساحة التحرير أو الباب الشرقي أو ساحة الطيران. إلا أن انفجار سيارة مفخخة بالقرب من خزان الماء في ساحة الطيران يكشف وبشكل لا لبس فيه عن عجز الأجهزة الأمنية على السيطرة على بغداد".وعادة ما يكرر مسؤولون أمنيون عراقيون أن "قصة السيطرة على السيارات المفخخة هي قصة مستحيلة، فالوصول إلى تلك السيارات يتطلب جهداً استخبارياً وعملاً ميدانياً كثيفاً، وهم يتحججون بكثرة السيارات في بغداد، وإن انفجار سيارة مفخخة في العاصمة قد يحدث ما يشابهه في أي عاصمة أخرى، وحتى في اميركا".إلا أن عصام يرى في "الباب الشرقي، وساحة الطيران، وساحة التحرير" مركزاً حيوياً وتجارياً وسط العاصمة، واستهدافه المتكرر بهذه الطريقة يقود إلى القول أن "الإجراءات الأمنية هي مجرد ترتيبات شكلية تعرقل حركة الناس أكثر من أي شيء آخر".انفجار يوم الأربعاء الماضي خلف، بحسب حصيلة رسمية، خمسة مصابين بجروح، إلا أن منظر الدم على الأرصفة يشي بحصيلة قد ترتفع. سيارات الشرطة والإسعاف الفوري هرعت إلى المكان وضربت القوات الأمنية طوقاً على المكان. من يستطيع التكهن بالفاعل؟ يقول مواطنون في المنطقة أن "الشارع الموزاي هو شارع لمحلات الميكانيك، ولا يستبعد المواطنون في أحاديثهم أن تكون السيارة المفخخة قد أعدت هنا"، وهم يتوقعون أن "تقوم الجهات الأمنية بحملة عشوائية على هؤلاء في أقرب وقت، ولكن ذلك لن ينهي العنف"، في تقديرهم. كان الباب الشرقي في سنوات العنف الطائفي مسرحاً لعشرات السيارات المفخخة. لقد استهدفت تلك السيارات مسطر العمال اكثر من مرة، وهو مكان لتجمعهم بانتظار الحصول على فرصة عمل، يقع في الجانب الثاني من ساحة الطيران. هناك تشمخ جدارية كبيرة تحمل معنى للسلام رسمها رسام عراقي راحل هو فائق حسن، وتحت الجدارية تقف سيارة شرطة وأخرى تابعة للجيش، وغير بعيد يتوقف مجموعة من رجال المرور يحاولون فك الاختناق المروري الدائم هنا. عصام وصل إلى محل عمله بوجه أصفر من الخوف. لقد كانت تجربته مع الموت قاسية. وهو يقول: "لست وحدي، كلنا نمر بهذه التجربة بشكل يومي
مواطن أصيب بعقدة "الباب الشرقي" جراء تكرار انفجاراتها
نشر في: 24 مارس, 2012: 06:19 م