عباس الغالبيولدت منظمة التجارة العربية الكبرى في عام 1996 كأحد قرارات القمة العربية آنذاك ، إلا انها ولدت ميتة من دون تفعيل لها خلال هذه الفترة الزمنية الطويلة ، في وقت ان التجارة العربية كانت أحوج ما يكون لها بعد التغييرات الاقتصادية الكبيرة على المستوى الدولي فكرياً وعملياً .
وتبنت كثير من الدول العربية خلال العقد الأخير من القرن الماضي والعقد الأول من القرن الحالي حيثيات ومبادئ اقتصاد السوق والتي تؤكد في أولوياتها على تفعيل حركة التبادل التجاري واعتماد مفاهيم التجارة الحرة غير المقيدة المنضبطة على وفق معايير مؤسساتية دولية .ألا ان هذا التبني من هذه الدول ظل مغرداً خارج سرب المنظومة الاقتصادية العربية التي كانت بمثابة قرارات قمم ، واتفاقيات ثنائية وأخرى إقليمية يحكمها المنظور الجغرافي ، لم تعمل البلدان العربية على تفعيلها بالشكل الذي ينعكس على المشهد الاقتصادي العربي .والجامعة العربية كمنظمة تضم بين دفتيها أكثر من 20 دولة عربية الكثير منها يعد قوة اقتصادية كبيرة لا يستهان بها ، وكسائر المنظمات الدولية الأخرى كان بإمكانها أن تشكل تجمعاً اقتصادياً كبيراً لو حدث الاندماج الاقتصادي العربي منذ وقت مبكر ، لكم يدمي القلوب ان هذه القوة الاقتصادية الهائلة ظلت أسيرة الخلافات السياسية التي عادة ما تسور القرارات الاقتصادية وتجعلها أسيرة وميتة ، حيث غدت القمم العربية الماضية مجرد قرارات لا تنفذ سرعان ما تصبح من إرهاصات الماضي ويجري التذكير بها في القمم اللاحقة من دون جدوى ، ومنها منظمة التجارة العربية التي أريد لها ان تكون نافذة لتحريك عجلة التجارة الحرة بين الدول العربية من شأنها ان تنعكس ايجابياً على القطاعات الاقتصادية الأخرى .في الوقت الذي نتطلع إلى قمة فيها من الاهتمامات الاقتصادية ما يوازي الاهتمامات والأولويات السياسية ، نرى ان تفعيل منظمة التجارة الحرة العربية بشكل يتسق والتحولات الاقتصادية الكبيرة على مستوى المنطقة والعالم الآخر ، تكون صنوا لمنظمة التجارة العالمية ، فضلاً عن انها تعبر عن تجمع سياسي واقتصادي في آن واحد يمكن ان يحدث تحولات كبيرة ليس على مستوى التبادل التجاري فحسب ، بل على مستوى القطاعات الاقتصادية الأخرى لاسيما ان عددا لا يستهان به من البلدان العربية تعد من اكبر مصدري النفط في العالم وتعد اللاعب الاساسي في سوق النفط العالمية فضلاً عن الاحتياطي النفطي والغازي الكبير لها ، ما يجعل هذا التجمع الاقتصادي قوة اقتصادية كبيرة في العالم لاسيما ان مشتركات اجتماعية وفكرية وثقافية كبيرة ستكون حاضرة بقوة في تأكيد رصانة هذا التجمع السياسي الاقتصادي المهم .نضع أمام أنظار قمة بغداد قضية تفعيل منظمة التجارة العربية الكبرى ، ونرى ان يتبنى الوفد العراقي مقترح تفعيل هذه المنظمة والسعي لاعتماد قرار للقمة بهذا الاتجاه لأهميتها في جعل مناطق التجارة فاعلة من جهة وتنشيط عملية التبادل التجاري بين الدول العربية سعياً لتحقيق المنفعة الاقتصادية للجميع .
اقتصاديات :أمام أنظار القمة . . . .منظمة التجارة العربية الكبرى
نشر في: 26 مارس, 2012: 06:09 م