الموصل / المدىلم يدم ربيع الحرية في نينوى بعد سقوط النظام المباد في العام 2003، سوى 17 شهراً فقط، قبل أن تدخل رغماً عنها في حرب شوارع مفتوحة، حتى أصبحت مدينة الموصل أكبر مدنها، ساحة حرب حقيقية بين مجاميع مسلحة لم تعر أهمية للحياة المدنية، وقوات أميركية تنظر إلى أي شيء يتحرك حولها كعدو.
فسحة الحرية المفاجئة تلك، لم تزد عن عام ونصف العام، لكن مع ذلك كانت الرغبة الجامحة في الحياة تتفتح، وانتعشت جميع مفاصل نينوى، وقطاعاتها، وبدأت أسواق نينوى التي كانت تعد مراكز تعتمد عليها باقي محافظات العراق، بنشاط اقتصادي ارتفعت وتيرته مع انفتاح عراقي جهة الغرب مع الجارة سوريا، وهكذا أصبحت ربيعة حيث المنفذ الحدودي هناك، تضاهي في شهرتها إبراهيم الخليل حيث المنفذ الحدودي بين إقليم كردستان وتركيا.بعد العاشر من أيار عام 2008 حيث انطلقت عملية (أم الربيعين) التي قادتها القوات الأمنية لتطهير المحافظة من الجماعات الإرهابية، عادت الحياة إلى نينوى والتحقت بعد ذلك بالعملية السياسية، واشترك الأهالي بكثافة عالية في انتخابات مجالس المحافظات في مطلع 2009، بعد مقاطعة إجبارية في دورة عام 2005.وبدأ الإعمار عبر ثلاثة محاور، الأول التزمته الحكومة المحلية الجديدة، من خلال ميزانية تنمية الأقاليم، موزعة مبالغها بحسب الكثافة السكانية للأقضية والنواحي، والثاني من خلال المشاريع التي تنفذها الوزارات، والثالث عبر لجنة إسناد أم الربيعين التي شكلت بالتزامن مع العملية الأمنية لتنفيذ مشاريع عاجلة وتوظيف 16 ألف عاطل بعقود مؤقتة، ورصد لها 100 مليون دولار.محافظ نينوى أثيل النجيفي أكد في حديثه لـ"المدى" أن المحافظة حققت الكثير من المكاسب خلال الأعوام الثلاث المنصرمة، مبينا أنها "شنت حرباً على الفساد المستشري في الدوائر الحكومية، وتمكنت إلى حد بعيد من تحجيم الظاهرة، وبدأت بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية بحملة تطهير، وأخذت شبكات متخصصة بالابتزاز بالتفكك".وأضاف :أن هنالك مشروعاً يجري تنفيذه حاليا لنصب كاميرات مراقبة لرصد أي خرق أمني في أسواق مدينة الموصل ومناطقها التجارية.المحافظ أشار كذلك إلى أن أكبر فنادق الموصل وهو فندق نينوى الدولي فتح أبوابه مجدداً بعد سنوات طويلة من الغلق القسري بسبب الظروف الأمنية، وتولت شركات تركية وعربية ومحلية تنفيذ العشرات من المشاريع في عموم مناطق نينوى، منها سبعة مستشفيات متخصصة، ومدينة رياضية، وأخرى سكنية، مع محطات لتوليد الكهرباء.وأفاد بأنه تم تنفيذ العديد من المجسرات الضخمة كمجسري اليرموك والمثنى، فضلا عن محطات لتدوير النفايات، وأبنية ومنشآت للدوائر الحكومية، مشيرا إلى انه تم وضع لبنات جامعات جديدة إضافة إلى جامعة الموصل، إحداها في قضاء الحمدانية شرق الموصل، والأخرى في قضاء تلعفر غرباً.وذكر النجيفي أنه تم قطع شوط طويل في تنفيذ مشروع الحكومة الإلكترونية، بالتعاون مع شركة صينية متخصصة في مجال الاتصالات، إضافة إلى إنشاء وحدات عديدة منها ما يختص بالمسح الجغرافي، وأخرى لتجديد الموصل القديمة، ومشروع رؤية نينوى لعام 2030، ويتعلق بإحداث نقلة نوعية في المحافظة تحديثاً وتطويراً.ويتابع المحافظ بالقول: إن "نينوى افتتحت معارض للاستثمار بمشاركة شركات أجنبية ومحلية، وتخطط لعقد مؤتمر للاستثمارات الخاصة بها في مدينة اسطنبول التركية في شهر أيار المقبل، بمشاركة العشرات من الشركات العالمية المتخصصة في شتى المجالات".العائق الأبرز أمام نينوى في الوقت الراهن يكمن في عدم تناسب المبالغ المخصصة ضمن ميزانية تنمية الأقاليم لطموح النهوض بالواقع الخدمي الذي يراودها، فبموجب توزيع الميزانية حسب الكثافة السكانية، لا يصل نينوى سوى 1% فقط، في حين أن سكانها يشكلون نحو 11% من سكان العراق.لذا فإن التوجه ينصب على القطاع الخاص، والاستثمارات الخارجية، والأخيرة تعاني التعثر، إذ لم تمنح أكثر من 50 رخصة استثمارية طوال السنوات الأربع من عمر هيئة استثمار نينوى، وبالرغم من ذلك، برزت أهمية الاستثمار من خلال مشروع (عين العراق) الإسكاني العملاق الذي يجري تنفيذه حالياً جنوب مدينة الموصل، فضلا عن مشروع لمحطات (التلفريك) في قلب مدينة الموصل، تستعد الجهة المستثمرة لتنفيذه قريباً.وعلى الصعيد الثقافي، افتتحت نينوى معرضها الدولي الأول للكتاب في شهر آذار الجاري، كما ستنظم مهرجان أبي تمام الشعري الرابع في شهر نيسان المقبل بعد نحو عقدين من التوقف، وكذلك تم تأسيس هيئة استشارية عليا للرياضة، وأطلقت مشروعاً لإحياء التاريخ الرياضي في نينوى.وفي ما يخص مدن نينوى الأثرية كالنمرود والحضر ونينوى القديمة، فهنالك خطط جرى تنفيذها، وأخرى قيد التنفيذ تخص تطوير هذه المواقع وفتحها مستقبلاً أمام الحركة السياحية، بالتوازي مع تنفيذ مشاريع سياحية أخرى، تم افتتاح إحداها قبل أشهر، وهي مدينة ألعاب (دجلة ستي) شمال الموصل، وجرت أعمال تطوير وتحديث لمدينة ألعاب الموصل القديمة، مع المباشرة بتنفيذ عدد من المجمعات السياحية الأخرى أهمها في منطقة الغابات السياحية وسط المدينة.وتبقى جامعة الموصل بحسب رئيسها الدكتور أبي سعيد الديوه جي، هي الأكثر إعماراً في الموصل، ففي وقت كانت تعيش في
خطى واثقة لنينوى نحو الإعمار بعد سنوات من تدهور الوضع الأمني

نشر في: 26 مارس, 2012: 06:16 م