طارق الجبوري ما الذي يمكن أن تقدمه القمة العربية للعراق ولشعبه ؟ وما الذي قدمته في تاريخها الطويل منذ 1964؟وهل حقاً أن عودة العراق إلى محيطه العربي متوقفة على مثل هكذا اجتماعات حرصت الأنظمة على عقدها بشكل آلي لخدمة بعضها ولتحقيق أهدافها ؟ مثل هذه الأسئلة مثار حديث الناس في كل أنحاء العراق بما فيه إقليم كردستان بغض النظر عن بعض الأصوات النشاز التي تحاول تصوير الكرد وكأنهم من خارج العراق لذا فإن القمة لا تعنيهم !
وبغض النظر عما سببته الإجراءات الحكومية المتعسفة للمواطن من معاناة والتي نعتقد أنها كانت ستعطي انعكاساً سلبياً لأي زائر أو وفد عربي تتاح له فرصة التجوال في شوارع بغداد ، نقول بغض النظر عن كل ذلك ، فإننا وبصدق نتمنى أن يخرج اجتماع القمة بقرارات ونتائج تتناسب والمتغيرات الجديدة في العالم و ألا يبتعد عن واقع المجتمع العربي وما يحتاجه من فهم واقعي لمكوناته وصولاً إلى حلول لمشاكل وأزمات ظلت كامنة في بنيته دون أن يجرؤ احد على طرحها بشكل صريح لا في القمة ولا حتى داخل المؤسسات الحكومية لأي بلد . ونعتقد أن الوقت قد حان لأن نعترف بأن جوهر مشاكلنا كمحيط عربي ابتعاد أنظمتنا عن الديمقراطية رغم الشعور بأهميتها . لكن عدم الإيمان بالحريات وحقوق الإنسان والعدالة والمساواة التي هي حاجات أساسية ، دفعت بهذه الأنظمة للتعمية وتضليل مجتمعاتها من خلال ربط شكلي بين الديمقراطية وأهداف كانت لها الأولوية في أدبيات الأحزاب السياسية . مَن مِن جيلنا لا يتذكر السجالات بين الأنظمة العربية والخطب النارية لقادتها عن الكرامة والحق العربي والعمل المشترك وضروراته ، ولكن في نفس الوقت كم هي المسافة التي قطعناها لتحقيق جزء من ذلك وكم مواطن أهينت كرامته وجاع وشرد وتمت تصفيته باسم هذه الشعارات الجميلة التي كنا نشاهد التراجع عنها لكنا لا نملك إلا التصفيق والهتاف لأولي نعمتنا لأنهم بارعون في خداعنا وتسفيه حقوقنا البسيطة وضياعها .لم يتبق غير يومين على عقد القمة التي من المؤمل مناقشة عشرة بنود في اجتماعاتها، من بينها نظام الجامعة العربية والأوضاع في سوريا والقضية الفلسطينية والإرهاب .. لم يتبق غير يومين ورغم مرارة تجاربنا فإننا ندفع أنفسنا دفعاً إلى تصديق إمكانية الخروج بقرارات تكون انعكاساً لواقع ومعاناة الشعوب والمجتمع العربي ، لكي نقول إن القمة اقتربت ولو قليلاً منا .في العراق كل مواطن في بغداد أو البصرة أو أربيل في دهوك أو الناصرية والعمارة أوفي الانبار وصلاح الدين أو السليمانية ، الأنظار تتجه إلى ما ستسفر عنه القمة ومدى تفاعل الحضور مع معطيات ما حصل في تونس وليبيا واليمن ومصر وقبلها إمكانية قراءة موضوعية لما جرى في العراق 2003 وبخاصة تجربة إقليم كردستان ومجالس المحافظات ، رغم حداثة تجربة العمل في المنطقة على وفق النظام الفيدرالي الاتحادي أو اللامركزية الإدارية دون إغفال تجربة الإمارات العربية المتحدة أو جمهورية جزر القمر التي تعتمد نظام الأقاليم مع الأخذ بالاعتبار تجربة كل واحدة منهما .. المهم إن الحاجة ملحة للتغيير وهذا هو مطلب الجماهير ، الذي ينبغي أن يكون نصب عين القادة العرب إذا ما كانوا جادين فعلا في وضع المنطقة العربية ضمن إطارها الصحيح والبدء بمرحلة جديدة أساسها الإيمان بالديمقراطية كنهج لبناء الإنسان الجديد القادر على تأسيس مجتمع خال من عقد الماضي يحترم فيه الآخر على أساس ما يمتلكه من كفاءة دون النظر إلى جنسه أو طائفته .
العراق والقمّة والتغيير
نشر في: 26 مارس, 2012: 06:38 م