TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن : الحرب الحكومية ضد طريق الشعب

العمود الثامن : الحرب الحكومية ضد طريق الشعب

نشر في: 27 مارس, 2012: 08:00 م

علي حسين لا وجود لأحد يريد الاجهاز على المنجزات العظيمة التي حققتها حكومة السيد المالكي الا في مخيلة الاجهزة الامنية ومقربي ومستشاري رئيس الوزراء . فبعد إجراءات أمنية قرقوشية تعيشها بغداد منذ أيام ، اكتشفت الحكومة ان منبع الارهاب وجذوره مغروسة في صحيفة طريق الشعب الناطقة باسم الحزب الشيوعي العراقي ،
ولان السيد المالكي زف الينا البشرى بان قمة بغداد ستناقش ضرورة القضاء على الارهاب مؤكدا ان : "جدول أعمال القمة سيتناول ملف الارهاب الذي ضرب الدول العربية كافة وافضل من يمكن ان يقدم صورة عن خطره وآثاره المدمرة هو العراق " ، وكي يقدم رئيس الوزراء صورة عن هذا الارهاب قرر ان يوجه قواته الامنية باتجاه مقار الحزب الشيوعي في بغداد ، متناسيا أو متجاهلا ، ان الشيوعيين  الذين ناضلوا خلال اكثر من سبعة عقود من الزمن  هم الأشد حبا ووفاء للبلاد ، والأكثر حرصا وحلما بعراق ديمقراطي ، نظيف من الفساد والمحسوبية والانتهازية . لا يمكننا أن نفسر هجوم دبابات الحكومة بين فترة واخرى على بيت الشيوعيين ، إلا باعتباره نوعاً من عشق المفاجآت، ويمكن للمتابع أن يفسر الأمر باعتباره نوعاً من الميل الغريزي إلى الضحك من غير سبب، وتقديم كوميديا "بايخة" بلا لون ولا طعم ولا رائحة في أصعب المواقف وبغير ذلك أظن أنه من المرهق جداً محاولة فهم الخطوة التاريخية المباركة للحكومة بتوجيه دباباتها وقواتها المحمولة صوب مقر صحيفة طريق الشعب. اليوم وفي ظل اجراءات امنية لم يعهدها الناس حتى في زمن "القائد الضرورة" نجد ان لا صوت يعلو فوق صوت راكبي مدرعات الحكومة المنتشرين في كل مكان رافعين شعار "الشعب في خدمتنا " وبعد الجرائم التي حدثت في تظاهرات ساحة التحرير ، ها هي المدرعات تواصل نشاطها بحماس وهذه المرة تصر على أن الشيوعيين هم سبب الصداع المزمن في رأس الحكومة . بالطبع ليست هذه هي المرة الأولى التي تتحرك فيها هذه المدرعات باتجاه مقار الحزب الشيوعي ، فقد فعلتها العام الماضي ، وكررتها بعد اشهر، ولو رجعنا بالذاكرة إلى الوراء سنجد حضورا طاغيا لإستراتيجية الاقتحام منذ اندلاع تظاهرات الشباب ، وكل ذلك يكشف إلى أي حد دخلنا في مراحل اتباع سياسة الاقتحام والاعتقالات ، عندما يتعلق الأمر بمظاهر وفعاليات شبابية ، يقابلها اقتراب خجول ومتردد من الفاسدين وسراق المال العام والمزورين ومهربي القتلة وعصابات الجريمة المنظمة .  منذ سنوات والحكومة ترتكب كل أخطاء الإدارة، وتمارس الفشل على أوسع نطاق في كل المجالات ، لكنها تسعى دوما الى الصاق كل إخفاقاتها وعجزها  بالاخرين ، فتحملهم مسؤولية غياب الأمن وفوضى الاقتصاد ، في سياق عملية قتل متعمدة للآمال والأحلام التي اخضرت في نفوس العراقيين بعد عام 2003 .في ضوء ما قامت به دبابات الحكومة بالامس ، فنحن أمام خيارين لا ثالث لهما: الأول أن السيد المالكي  يصدق ما يقول فعلا ومقتنع أن حكومته الرشيدة ومؤسساتها تعمل لخدمة المواطن لا لخدمة المسؤول، أو أن مقربيه يمارسون عملية خداع منظمة وممنهجة، تؤمن بحكمة أن تكرار الأكاذيب بدأب وإصرار ومن دون توقف سيجعل الناس يصدقونها في النهاية بل ويهتفون للحكومة بطول العمر والبقاء، فهذه الحكومة التي قضت على تنظيم القاعدة في العراق، ومنعت تسلل الإرهابيين من الحدود وأحكمت قبضتها على السجون التي يهرّب منها القتلة والإرهابيون بحفنة من الدولارات، وأدبت المتظاهرين في ساحة التحرير ومدن العراق كافة، وجهت قواتها صوب جريدة طريق الشعب  العميلة لأنها تجرأت واخفت ووظفت مجموعة من الشباب تعتقد الحكومة و" دهاقنتها "  انهم هتفوا ذات يوم ضد الفساد والمفسدين وضد مصادرة الهيئات المستقلة وضد الطائفية والمحاصصة . ولانهم ينتمون الى حزب مسالم يرفض ان تكون له ميلشيات ترعب الناس بالعبوات وكواتم الصوت ، حزب لا يملك نوابا ووزراء يقلبون عيشهم وعيش أحزابهم، ولانهم من حزب لم تثبت على قادته او اعضائه أي شائبة اختلاس او استغلال للمنصب ، ولانهم ينامون في مقر جريدة تؤمن بضرورة تاسيس دولة مدنية، ولهذا فواجب على مدرعات الحكومة ان تجتث هذا الداء الذي ينادي بالحريات والعدل الاجتماعي.  ان  جريمة العراقيين اليوم أنهم يأخذون كلام الحكومة عن القانون والعدالة بمحمل الجد، بينما هي تهرج وتمزح وتمارس الدعابة في أحلك الأوقات وأصعبها، بدليل أنها وهي تغض النظر عن السرقات التي يقوم بها مقربوها ومحبوها وعشاقها ، كانت من ناحية أخرى تبحث عن مجموعة من الشباب لتسألهم لماذا تتظاهرون ضد السيد المالكي؟   تنسى الحكومة ان كل حروبها ضد الشيوعيين وبناة الدولة المدنية ستنهزم ، لان إرادة العراقيين هي التي ستنتصر في النهاية  .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

جلسة "القوانين الجدلية" تحت مطرقة الاتحادية.. نواب "غاضبون": لم يكن هناك تصويت!

القانونية النيابية تكشف عن الفئات غير مشمولة بتعديل قانون العفو العام

نيمار يطلب الرحيل عن الهلال السعودي

إنهاء تكليف رئيس هيئة الكمارك (وثيقة)

الخنجر: سنعيد نازحي جرف الصخر والعوجة

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram