د. فخرية علي أمينتحرر المرأة وعملها في المجال السياسي والاجتماعي والإنتاجي يقررهما المجتمع، ففي مجتمع يعاني من التحكم في الإنتاج والاضطهاد العنصري لا يمكن للمرأة التحرر من التقاليد التي تقيد تقدمها.ولا بد من القيام بثورة اجتماعية لتتيح لها فرص التحرر والتقدم في شتى مجالات الحياة.
اذا تتبعنا تاريخ الكرد خلال القرن الماضي نجد أن المرأة الكردية لم تكن منعزلة عن حركة التحرر القومي الكردي، وانما على العكس من ذلك، حيث سجلت النساء الكرديات حضورا" فاعلا" في الحياة السياسية، وسجل لنا التاريخ أسماء بعض الشخصيات النسوية الكردية اللواتي مثلن دورهن في الحياة السياسية وإدارة الحكم ونذكر منهن (حبسة خان النقيب) التي اعتبرت نفسها مسؤولة عن الدفاع عن القضية الكردية، وأبدت دعمها الكامل للحكومة الكردية في السليمانية، وشاركت مع زميلاتها من النساء الكرديات في مطالبة عصبة الأمم بحق تقرير مصير الكرد. وهناك الحاكمة المقتدرة (عادلة خانم) التي أصبحت بعد وفاة زوجها (عثمان باشا الجاف) رئيس عشيرة الجاف التي امتدت رئاستها الى عام 1934، وفي عهد الحكم البريطاني في العراق منحت لقب (خان بها دور).الى جانب ذلك التحقت نساء كردستان العراق بالأحزاب السياسية مثل الحزب الديمقراطي الكردستاني ومن أشهرهن السيدة (ناهدة الشيخ سلام)، إضافة الى ذلك انضمت السيدة (خانم زهدي وساكنة سليمان وصنوبر إسماعيل وخديجة مصطفى) الى صفوف الحزب الشيوعي العراقي وأصبحن كوادر متقدمة في اللجنة المركزية للحزب.وفي الحادي عشر من شهر كانون الأول عام 1952 تأسس اتحاد نساء كردستان بشكل سري وبدعم من الحزب الديمقراطي الكردستاني، وبقي حتى الآن منظمة جماهيرية لنساء كردستان العراق.وشاركت إعداد كبيرة من نساء كردستان في توسيع نشاطات وتحقيق أهداف هذه المنظمة ومنهن (ناهدة الشيخ وبهية معروف وزكية إسماعيل وبيمان معروف وفخرية سعد الله). يجدر بالملاحظة ان نشاط الكرديات كان سريا" طيلة هذه العهود.أما بعد الانتفاضة العظيمة عام 1991 وبالأخص عام 1992، فقد نهضت المرأة الكردية بشكل علني في المشاركة بدورها السياسي في المجلس الوطني الكردستاني والتشكيلة الوزارية الأولى، ومن النساء اللواتي تألقن في هذا المجال (شفيقة فقي عبد الله، فوزية عز الدين، نهلة سعد الله، هيرو إبراهيم احمد، نسرين مصطفى، شمام محمود) كما شاركن في برلمان كردستان وأصبحت كافية سليمان وكيلة الاعمار.وفي هذه الفترة تدير النساء حوالي 47% من اعمال ونشاطات الإدارة الحكومية، وان وجودهن في مركز القرار يزداد على الرغم من أن نسبتهن قياسا" على الرجال أقل بكثير.ان وجود المرأة في تلك المجالات يدل على حرية ويقظة المجتمع الكردي، لأن مشاركة المرأة في اتخاذ القرارات تدل على تقدير واحترام المجتمع للمناصب والمواقع التي تحتلها المرأة الكردية، وانها ظاهرة مشرقة ومفرحة وبداية تبعث على التفاؤل.لذلك علينا نحن النساء توسيع نطاقها أكثر فأكثر لانها تفيدنا بشكل خاص باعتبار وجود المرأة في دنيا السياسة في هذه الأيام معيارا" مهما" للمجتمع المدني الذي نحن أحوج ما نكون اليه من أي وقت مضى.رئيسة قسم التاريخ/ كلية آداب خانقين
دور متميــز للمــرأة الكـــرديـــة فـي حركـــات التحــرر السيـــاســي
نشر في: 10 أكتوبر, 2009: 04:24 م