وديع غزوانربما يبدو العنوان غريباً ولا رابط بين مفرداته. فما علاقة الحزب الشيوعي بالقمة العربية، وهو كغيره من القوى والأحزاب الوطنية الكثيرة مهمّش في قضايا كثيرة لن يكون آخرها شأن القمة التي من بين ما ميّزها عن القمم السابقة، المبالغة في نفقاتها - بحسب آراء أعضاء في لجنتي النزاهة والمالية النيابيتين؟ وما موقع تظاهرات الجمعة في هذا الحدث الذي مهما قيل عنه فهو يبقى عاجزاً عن عكس تطلعات الملايين المسحوقة من أبناء البلدان العربية؟
غير أن وجه الغرابة والتعجب سيزول إذا ما عرفنا أن قوات حكومية قبل ثلاثة أيام من انعقاد القمة العربية اقتحمت مقر الحزب الشيوعي واعتقلت 12 من حراسه، على الشبهة والظن فلم تشفع له مواقفه الإيجابية من العملية السياسية ودوره الكبير في حمايتها وتحمله كثيراً من نقد قواعده وجماهيره. لن ندخل في تفاصيل الحادث الذي لم نعرف إلا القليل من تفاصيله في أخبار مقتضبة، نقلاً عن عضو المكتب السياسي للحزب رائد فهمي الذي نقل خبر الإفراج عن المعتقلين بعد اتصالات ومباحثات مع مسؤولين حكوميين، لكن يبقى الموقف مثيراً للاستغراب خاصة وأن هذا الحزب لا يمتلك ميليشيا مسلحة، فضلا عن اعتماده بعد 2003 أسلوب الحوار الهادئ مع أطراف سياسية يعلم جيداً أنها تحاول محو تاريخه واستغلت موقفه للإمعان في تهميشه بما تمتلكه من وسائل وظّفتها لخداع المواطنين والقفز على تطلعاتهم برفعها شعارات زائفة وغيرها مما ليس هنا مجال البحث فيها. ومما يثير العجب وليس الحيرة هو السؤال الذي وجه إلى اثنين من المعتقلين أثناء التحقيق بشأن علاقتهم بالتظاهرات التي أصبحت سمة ساحة التحرير، ما يؤكد خطورة النهج الذي تنتهجه الأجهزة الأمنية وطريقة تعامل أطراف في السلطة مع الآخرين، وهو ما يشير إلى واقعية التخوفات المنذرة بمحاولات باتت واضحة عند البعض لتغيير بوصلة مسار ما يسمى العملية السياسية وتوجيهها بعيداً عن المبادئ الديمقراطية، وهو ما حذرت منه أحزاب ومنظمات مجتمع مدني وشخصيات وطنية في أكثر من مناسبة، كان آخرها تصريحات رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني الصريحة جداً والمباشرة. وهنا تبدو إثارة بعض التساؤلات مشروعة تبحث عن مغزى هذا الاستفزاز لقوى وطنية وفي هذا الوقت بالذات؟ وما هي الرسالة التي تريد السلطة التنفيذية إيصالها إلى من يخالفها الرأي؟ وما هي خطورة تظاهرات سلمية كان أقصى ما دعت إليه هو تصحيح مسار العملية السياسية والتغيير؟ وأين موقع الدستور الكافل لحرية التعبير والتظاهر من كل هذا الذي جرى ويجري؟ وكيف تتم ترجمة وتجسيد الإيمان بحقوق الإنسان وضمان كرامته وسط استئثار طرف واحد بإدارة ملف العراق الأمني وعدم إشراك "حلفاء وإخوة الأمس" به؟! أسئلة عديدة لا نظن أننا سنحظى بالإجابة الصريحة عنها إلى حين. مع أمنياتنا أن ينجح العراق في قيادة مسيرة العمل العربي للمرحلة القادمة بما يقربنا خطوة أو أكثر من حقوق الشعوب العربية وتطلعاتها.
كردستانيات: القمّة والشيوعي والتظاهرات
نشر في: 30 مارس, 2012: 08:21 م