قيس قاسم العجرشكي نشبع نهم الذات الحكومية المتضخمة،مستعدون  أن نحلف بأغلظ الأيمان وكل شبابيك موالي الله أن القمة العربية كانت نجاحاً لسياسة العراق وقادته وحكومته وكتله السياسية وجهازه التنفيذي وعلى رأسها الأستاذ دولة رئيس الوزراء نوري  كامل المالكي ومعه طاقمه الحكومي الذي عمل وحضّر وناقش وهيأ وأقنع وفعل وشغل من أجل عقد القمة (الانعقاد  المجرد أيضاً نعده نجاحاً).
كما  أن المقررات التي عرضت هي الأخرى (ناجحة)وستنبئ بحل عربي لأهم الأزمات العربي الراهنة. كما أن النجاح الأمني غير المسبوق قد بدد الشكوك حول قدرات قواتنا الأمنية أن تتسلم مهام الأمن وأن (تضبط )العراق كله وليس بغداد فقط ..نلاحظ هنا أن الإرهاب لم يتمكن من تنفيذ هجمات نوعية في المحافظات أيضاً...كما أن مستوى التمثيل الذي راهن على ضآلته  الحاقدون قد تحقق في حده المعقول.هل اكتفينا هنا من الطللـيات التي أعتدنا أن نزقها للأذن قبل أن تتقبل الانتقاد؟أم يا ترى نحتاج إلى المزيد من الحلفان والأيمان كي يصدق الآخرون مقاصدنا حين ننتقد؟!القمة كشفت سؤالاً أكبر منها وأكثر أهمية من انعقادها ووجودها بالأصل ...أهم من عضوية العراق في الجامعة العربية وأهم من العزلة التي كانت تشعر مسؤولينا بالمرارة فيما يتظاهرون باللامبالاة.هذا السؤال مجرد وبسيط ..إلى أين تسير بنا هذه الذات الحكومية التي لا تعرف حداً للكبر أو وقفة لمراجعة الذات؟من قال لكم أن بإمكانكم أن تعتقلوا مدينة بأسرها من أجل مصلحة وطنية"عليا" أجهدتم أنفسكم على مر ثماني سنوات تقنعوننا بأن العراق غير عابئ بها مع العرب؟من قال لكم أن لكم متى ما شئتم أو ارتأيتم أن تفعلوا بالناس ما يحلو لكم وتكذبوا على مسامعهم كيفما أردتم؟ من  قال لكم بأن حقوق الإنسان يتم تفصيلها في قاعة قيادة عمليات بغداد أو يمنّ بها علي الدباغ وغيره من مسؤولي  الصدفة وهم يعكسون الحقائق وينفون (بأغلظ الأيمان) فرض حظر للتجوال.كل ما قلتموه أو (أوحيتم به )صحيح عن خطة الدفاع السياسي بالهجوم على الأزمات العربية وسحب البساط والمبادرة من القوى العربية التقليدية (السعودية مادياً ومصر تراثياً ) لصالح تعزيز هيمنة العراق وتخويف  الآخرين كي يرعووا عن أذى الشعب العراقي المسكين.لكن على حساب من ؟ وكيف كانت الكيفية ؟في ليبيا خرج الثوار لاقتلاع القذافي وانتشى البعض منهم إلى أبعد من ذلك بكثير واليوم هذا البعض تحت نشوة البطولة يقايض الحكومة  هناك على تسليم سيف الإسلام القذافي للعدالة مقابل مبلغ من المال!.هل ستقايضوننا أنتم كذلك على أمننا ؟هل سيكون الأمن ثمنه معسكر الاعتقال الكبير الذي رميتم به أهالي بغداد على مدى أسبوعين ؟        ما تفعلونه هو أنكم بهذه الهستيريا من العسكريتاريا ،تحولون جندي الجيش إلى جندي للسلطة وحدها وشرطي السيطرة إلى شرطي للسلطة والضابط في القاطع الجغرافي إلى نائب عن ظل الله في الأرض(السلطة التي تظنون).لنتذكر إن تقارير وزارة التخطيط تقول إن 32% من أهالي بغداد هم تحت خط الفقر، ماذا سيفعل من هو تحت خط الفقر حين تحرمونه حتى من (الفقر) لأسبوعين دون أن تكلفوا عناء النفس التهيئة لذلك.وبعد ذلك فهذا المواطن كان مكرهاً على سماع إعلام حكومي لا يشبه أي شي في الصحافة  .صحا العماد ميشيل عون ليجد أن فضائية "العراقية" قد حسمت جدل السياسة اللبنانية وخلعت الرئيس ميشيل سليمان ونصّبت عون بدلاً منه رئيساً زائراً مشاركاً في قمة بغداد! ارجعوا إلى تقارير نشرة العراقية الإخبارية يوم القمة تجدوا ذلك موثقاً .ذات الإعلامي الجهبذ جعل اسم وزير خارجية اليمن أبو بكر "القرني" ! بدلاً من القربي...كما وضع  صورة مصطفى عبد الجليل بدلاً من صورة المنصف المرزوقي بالرغم من أن نصف أخبار القمة كانت تتحدث عن اعتذار المنصف الشجاع للشعب العراقي عن الأفراد الانتحاريين القادمين من تونس! ثم يسأل المذيع كيف هي الأجواء فيجيب المراسل: الأجواء هنا في بغداد لطيفة وأخوية.هذا ليس تصيداً لكنه مراجعة لكفاءة من تولى شأن إصلاح الوضع العراقي عبر البوابة العربية أو كفاءة من أدارها إعلامياً وأمنياً.وبعد، ثمة فاتورة حساب كبيرة سيدفعها الشعب العراقي من رصيد حرياته لحساب الأمن إن استمرت هذه العقلية تتحكم بما تريد أن يظهر وأن يصدر عن العراق تجاه العالم، إن استمرت هذه العقلية الشموليية ادعاء  احتكار الحقيقة.إن كوريا الشمالية وكوبا ورمانيا في عهد تشاوشيسكو وليبيا وتونس  وسوريا وحتى سلطنة عمان والبحرين ،كلها بلدان  آمنة في عهد حكامها ،لكن الناس تريد حرية مكافئة للأمن ...فهل ستفهم قيادة عمليات بغداد هذا؟