بغداد / أحمد حسين عادت الحياة إلى بغداد بعد أسبوع من العطالة وشلل الحياة بشكل عام، وأهم مفاصلها بشكل خاص كمناطق الباب الشرقي وشوارع السعدون والنضال وأبو نؤاس، وعلى الرغم من ذلك لم تكتف الحكومة بإجراءاتها الخانقة، وراحت تلاحق ذبذبات الهاتف النقال لتجهز عليها لأكثر من 24 ساعة.
الحياة عادت بشكل تدريجي إلى العاصمة منذ مساء الجمعة، وسبقتها بذلك عودة الحياة إلى شبكات الهاتف النقال التي راحت ضحية للقمّة العربية، لكن الذي لم يتغير هو الإجراءات التعسفية ونشوة العسكر بهيمنتهم التي استمرت لأكثر من أسبوع على المواطنين.rnوبحسب سائق التاكسي كريم، فإن يوم انعقاد القمة الخميس الماضي شهد حضر تجوال غير معلن عنه في وسائل الإعلام، لكن عناصر القوات الأمنية في السيطرات ونقاط التفتيش العسكرية كانوا يبلغون أصحاب السيارات منذ مساء يوم الأربعاء الماضي أن يوم غد حظر تجوال.وقال كريم في حديثه لـ"المدى": إنه أحد أصحاب المركبات الذين تلقوا هذا التبليغ من إحدى السيطرات الأمنية في حي عدن.وذكر "أحد أقاربي ضابط برتبة مقدم في الجيش، أوضح ليّ أن تشديد إجراءات التفتيش في السيطرات الهدف منه إجبار المواطنين على عدم مغادرة منازلهم"، مضيفا "الحكومة وبدلا من أن تعلن فرض حظر للتجوال وهو ما يحسب عليها، لجأت إلى هذه الإجراءات لإجبار المواطنين على عدم التجول في بغداد".وأضاف كريم "لكن الغريب في الأمر أنه وبعد انتهاء القمة ما زالت الإجراءات مشددة"، متسائلا "هل حياة المواطن العراقي المهددة منذ العام 2003 ولغاية الآن لا تستحق حمايتها من الإرهابيين والمسلحين إلا في المناسبات الوطنية.الحياة في بغداد أصبحت مرهونة بالأحداث السياسية والأمنية، وهو ما يدفع العديد من العوائل إلى مغادرة العاصمة والإقامة في إقليم كردستان لميسوري الحال، أو المحافظات الجنوبية، غير أن هناك الغالبية العظمى من العوائل ترتبط ببغداد إجباريا لكونها مكانا للعمل ومصدر الرزق سواء للموظفين أو الحرفيين أو الكسبة.ويتمنى أهالي العاصمة وزوارها من المحافظات الأخرى على الحكومة والقيادة العامة للقوات المسلحة والوزارات الأمنية ومجلس النواب، أن يطبقوا القانون ضد بعض عناصر الأجهزة الأمنية الذين تبدر عنهم إساءات واعتداءات على المواطنين بسبب وبدون بسبب، بحسب ما ذكر بعضهم لـ"المدى".إذ أكد المواطن أبو حسين الذي فضل ذكر كنيته على اسمه، أنه تعرض للاهانة من قبل جندي في سيطرة عسكرية تقع في منطقة الوزيرية فقط لكونه استخدم منبه سيارته لاستعجال الجندي بتفتيش السيارة التي كانت أمامه.وأوضح أبو حسين الذي يبلغ من العمر 57 عاما، "كنت عائدا من منطقة الكرادة في الليلة قبل الماضية، متوجها إلى منطقة الشعب لإيصال صديق حيث يسكن هناك، ومن ثم العودة إلى بيتي في منطقة الوزيرية، وكانت الساعة الحادية عشر والنصف ليلا عند وصولي إلى إحدى السيطرات العسكرية في المنطقة نفسها، كانت تقف أمامي سيارتان إحداها كان الجندي في السيطرة يتحدث مع سائقها لمدة قاربت العشر دقائق".وتابع بالقول: "مجرد أنني استخدمت منبه السيارة للفت انتباه الجندي لكي يستعجل إجراءاته إذ كان الوقت قريبا من موعد فرض حظر التجوال الليلي، لكن يبدو أنني ارتكبت خطأ فادحا"، مبينا "ما إن وصلني الدور حتى عاقبني الجندي على ذلك، وبالرغم من محاولتي تبرير ذلك بأن الوقت متأخر وأن بإمكانك تفتيش السيارة في المكان المخصص لذلك، لكنه استشاط غضبا وزجرني قائلا إنهم جنودٌ أصدقائي، وأمرني بالتوقف جانبا".وأضاف "ما إن توقفت جانبا حتى طلب منّا نحن الاثنين الترجل من السيارة وطلب من زملائه الجنود تفتيش السيارة أما هو فقد وقف أمامنا وبدأ سيلا من الكلمات الجارحة والمستهزئة، وقال لي : انزعجت من توقف لخمس دقائق والآن ستجبر على الوقوف هنا لنصف ساعة (وشوفني شراح تسوي)".يقول أبو حسين "لم يكن مني وصديقي سوى السكوت والاعتذار لحين انقضاء النصف ساعة، غادرنا بعدها السيطرة واضطررت إلى اصطحاب صديقي إلى منزلي لكون العودة من منطقة الشعب يتطلب الوقوف طويلا في سيطرة جامع النداء".حالة أبو حسين وغيرها من عشرات الاعتداءات والإساءات التي يتعرض لها المواطنون من قبل الجنود وضباط الجيش والشرطة لم تعد خافية على الحكومة أو مجلس النواب أو الوزارات الأمنية، خاصة أن العديد من هذه الحالات تم تصويرها وبثها عبر شاشات القنوات الفضائية، لكن يبدو أن الجهات المعنية راضية عما يحدث بسكوتها المطبق عن مثل هذه التجاوزات.
بغداد والهاتف النقال يستعيدان حياتهما بعد موت دام أسبوعاً

نشر في: 31 مارس, 2012: 09:36 م