TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن: سلاماً على مثقلين بالمحبة

العمود الثامن: سلاماً على مثقلين بالمحبة

نشر في: 31 مارس, 2012: 10:29 م

 علي حسينبعد 78 عاما ينظر شيوعيو العراق إلى ارثهم النضالي والسياسي الذي استمدوه من حكايات العراقيين وآلامهم وأحلامهم ومعاناتهم، جاء مؤسسو الحزب من أسر بسيطة ضربت جذورها في ارض العراق، كانوا مثل كل العراقيين كادحين فقراء مثل الأسى والموت، يتقاسمون خبزهم مع أناس أكثر فقراً، ومن ذلك العالم القاسي، كتب مؤسس الحزب يوسف سلمان يوسف "فهد" بيانه التأسيسي، درس فيه أشياء وتعمّق بأخرى.
يكتب مصطفى علي: "انه لو كان لهذا العالم شعور وذكاء يوازيان مقدرته على إعطاء العظماء قدرهم، لتذكر وقفة مؤسسي الحزب الشيوعي، يوم إعدامهم كما يتذكر شهداء الإنسانية، فهم بوقفتهم تلك مثلوا الشهادة الدائمة". كان نصيب هذا الحزب أن يتعرض أبناؤه إلى سلسلة من القتل والموت لا تنتهي، وان يكونوا على موعد ابدي مع القتلة والجلادين. فيما ظلت قضايا الناس صليبهم الذي يحملونه أينما حلوا، ورؤياهم التي أتاحت لهم سفراً دائماً نحو الحرية، نتذكر أولئك الرجال المذهلي الشجاعة، الرافضين أن يطويهم النسيان، نقرأ اليوم سيرتهم، ونمعن النظر في هذه التجربة الممتدة على طريق الأحزان في ارض العراق، العراق الذي عانى من الظلم لعقود طويلة، يكتب سلام عادل يوما: لنناضل من اجل ألا يعيش العراقيون تحت وطأة الخوف الذي يحطم إرادة الإنسان وعزيمته ويقتل إنسانيته وكرامته. ليس صدفة أن جميع الشيوعيين أمواتا وأحياء، كانت خطيئتهم الوحيدة انهم احبوا أرضهم وأحلامهم ومستقبل أبنائهم، رجال ونساء نادوا بعراق حر وشعب مطمئن وامن، طلبوا العدالة من أقبية المخابرات وعتمة السجون، لم يطلبوا امتيازات ولم يسعوا إلى مناصب، لم يطلبوا الكراهية وانما المحبة، لم يطلبوا إلغاء الآخر وتجاهل التاريخ بل نادوا بالمساواة طريقا لبناء بلد جديد.حزب امن بالانفتاح الفكري على العالم المتقدم والتفاعل الخلاق مع عوامل تقدمه، مع صيانة الحرية الفكرية وإشاعة ثقافة الاستنارة المدنية المعتمدة على العقل والعلم وحرية الإبداع في كل مجالاته.يخبرنا كتاب سيرة باني الحزب الشيوعي بان الرجل قرر منذ العشرينات أن يتفرغ إلى عشقه الخاص "الناس" حتى أن كثيرين ظنوا، أن هذا العراقي اختلى بنفسه وعاهدها: أن يكون الكفاح الوطني الطريق إلى حياة حرة وكريمة. هكذا عاش على النضال في سبيل الحرية واستشهد على وله حب الناس، لم يكن مجرد سياسي بل كان ثائرا جامحا.. ساحرا إذا حضر، وساحرا إذا غاب، ولا يغيب الذين يهيمون في قضايا الناس ويتيهون في ربوع الوطن، ويتنقلون بين قراه ومدنه ليصنعوا أثرا بعد اثر..، لم يلتفت أحد بادئ الأمر إلى كتابات هذا الموصلي، كان يطبع مقالاته على آلة طابعة عتيقة هي نفسها التي طبعت أول منشور للحزب الشيوعي العراقي.وعندما أصدر رفائيل بطي جريدته (البلاد) واصل فهد نشر تقاريره وأعمدته فيها مراسلا للصحيفة من الناصرية، فاضحاً الأيادي الخفية التي تدير لعبة الكراسي في الوزارات العراقية.في مذكراته يتحدث الجواهري عن لقاء في عام 1942، هو الأول، مع رجل لا يعرفه ويقول: "قربته إلى جانب وبعد تجاذب أطراف الحديث على فنجان قهوة استل الرجل من جيبه حزمة أوراق قائلا "هذه مقالة، ان رضيت عنها، فبوسعك نشرها... ولك الفضل"، وردا على هذا الرجل المتواضع ينادي الجواهري على أحد العاملين في الجريدة ويطلب ان تكون المقالة افتتاحية لعدد اليوم التالي. ويتحدث الجواهري كيف أن الرجل حدق في وجهه بذهول وتعجب قائلا "يا أستاذ، ألا تريد أن تقرأ ما فيها أولا"، ويرد الجواهري عليه بثقة "لا، لن أقرأ ما تكتبه أنت!"، ويقول الجواهري بعد نشر المقالة: "ان العارفين من الطبقة المثقفة أعلنوا بصوت واحد ان المقال له: يوسف سلمان يوسف فهد". وبعد سنوات وفي حفل نقابة المحامين العراقيين عام 1951 يبث الجواهري لواعجه الى عشاقه مقتحما صرح الطغاة مستذكرا الشهيد فهد الذي اعدم عام 1949 دفاعا عن حرية العراقيين. سـلام على مثقـل بالحديد .. ويشــمخ كالقائد الظافر كأن القيود على معصميـة .. مفاتيح مستقبل زاهـر تنزهت من صدا الطارئات .. لأنك من معدن نادروأنت المؤدي عن الارشدين .. ديات المقصر والقاصـر

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram