TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > السطور الأخيرة: سياسة الجلوس على التل

السطور الأخيرة: سياسة الجلوس على التل

نشر في: 1 إبريل, 2012: 07:52 م

 سلام خياطوصفوها بأنها مهنة من لا مهنة لهم .. غانية شيمتها الغدر،ديدنها التقلب والتذبذب، لا تستقر على حال، قالوا عنها إنها عربة لذة، يتنقل بها صاحبها من أقصى اليمين لأقصى اليسار، وبالعكس، دون أن يستحي أو يعرق له جبين . قيل إنها عملية قفز موانع، وتسلق أكتاف، قيل عن ملمسها الناعم كوبر جمل، حينا، ووخزها الجارح كشجرة عاقول في أغلب الأحيان.
وصموها في صميم ذاتها المعلولة، واتهموها في طهرها إذ تتمسكن لتتمكن،وفي مصداقيتها إذ تراوغ لتنفي أو تؤكد،  نعتوا صاحبها بأقذع الصفات،فما يبالي بمن قال وما قيل ... انتهازي  قالوا :وصولي نفعي، لاذمة له، يغير جلده، يفتعل الأزمات، يتنكر للمبادئ حين يحاصر، وللأصدقاء حين يجد الجد، ميكافيلي النزعة، غاياته تبرر واسطته، وغاياته  مكللة بالشبهات .إنها السياسة،، وإنه السياسي، فليلعن الله السياسة، فكم باسمها ارتكب من موبقات .لذا أقول لصديق كتب إلي يشتمني، ويعيب علي جبني وهروبي من الحقائق للتنظير العقيم، وجلوسي المريح على التل، وتحاشي الكتابة في السياسة عن الوطن وما يجري فيه من خروقات ... أقول :  لست أهلا لها . السياسة ؟! أهرب منها هرب السليم من الأجرب،أقول: اجعلني على إدارة روضة أطفال او مدرسة ابتدائية.. هيئ لي مشغلا، أعلم من لا عمل لهم مهنة الخياطة او الحياكة او الكومبيوتر، جد لي مكتبة أعمرها بالمنتمين إليها وأرقب ثمارهم الدانية القطوف، خصص لي بناية مؤهلة أضم إليها اليتامى والمشردين والمكبسلين والأرامل، أعيد لهم إنسانيتهم المسروقة على مرأى ومسمع الساسة، أسس لي مدرسة للجانحين، لنعيد لهم هويتهم المضيعة وطهرهم الذي غادرهم بفعل التغافل والإهمال.. اجعلني على إدارة سجن النساء، أنتزع شرورهن بالرحمة والإنصاف، امنحني أرضا خلاء قرب ترعة، ازرعها بسواعد الشباب العاطل عن العمل، نخلا وزيتونا ودوالي عنب.لست أهلا لتعاطي السياسة أيها الصديق،، فتمتع بأفضالها قبل أن يدور الدولاب، وتمرغ بأطايبها قبل أن ترفع الموائد،، وتنعم بدفء وبرها الناعم قبل أن يداهمك قارس الشتاء .. ولكن لا تنس أن تتذكر : ان السياسة مهنة من لا مهنة له،وإنها غانية لعوب شيمتها الغدر.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram