ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن جماعة الإخوان المسلمين في مصر واجهت حملة واسعة من الانتقادات اول من أمس الأحد، في أعقاب القرار الذي اتخذته الجماعة مؤخرا بترشيح المهندس خيرت الشاطر في انتخابات الرئاسة القادمة في مصر، رغم الوعود التي قطعتها الجماعة من قبل بعدم خوض الانتخابات الرئاسية الأولى بعد الثورة المصرية.وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن حملات الانتقادات الواسعة التي واجهتها الجماعة لم تقتصر على معارضي الإخوان،
وإنما امتدت إلى أعضاء الجماعة، مضيفة أن اثنين من أبرز قيادات الجماعة قد تقدما باستقالتهما اول من أمس الأحد، للتعبير عن احتجاجهما لقرار الجماعة الذي اعتبراه تقويضا لمصداقيتهما.وأضافت الصحيفة أنه بالرغم من الوعود التي قطعتها الجماعة على نفسها عدة مرات حول عدم ترشيح أحد أعضائها للرئاسة في مصر، وذلك للتخفيف من مخاوف الليبراليين والغربيين والقادة العسكريين للبلاد حول نواياهم بعد سقوط نظام الرئيس السابق حسني مبارك، إلا أن العديد من المحللين يرون أن الإخوان قد أقدموا على ترشيح الشاطر، نظرا لأن السلطات التي سوف يمنحها الدستور للبرلمان مازالت غير واضحة، خاصة في ظل توتر العلاقة بين الجماعة وجنرالات المجلس العسكري الحاكم في مصر.وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن قرار الإخوان يعد مخاطرة كبيرة خاصة وأنه قد يقوض مصداقية الجماعة أمام الرأي العام في مصر من ناحية، وقد يشعل الصراع مع المجلس العسكري الحاكم في مصر من ناحية أخرى، والذي تفجر مؤخرا نتيجة رغبة البرلمان – الذي يشهد أغلبية إخوانية – في سحب الثقة من حكومة الجنزوري، وهو ما قد يفتح الباب أمام الجماعة لتشكيل الحكومة القادمة.وأوضح المحلل السياسي مايكل وحيد حنا أن الإخوان قد شعروا بأنه لا يمكنهم الاعتماد بشكل كبير على المجلس العسكري الحاكم في مصر، لذا فهم يسعون نحو السيطرة على أكبر قدر ممكن من السلطة خلال المرحلة الحالية حتى يمكنهم مجابهة القادة العسكريين للبلاد، معتبرا أن قرار الإخوان قد اتسم بقدر كبير من المغالاة.وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن العلاقة التي جمعت بين المجلس العسكري الحاكم في مصر وجماعة الإخوان المسلمين قد طغت عليها فكرة المصلحة المشتركة، موضحة أن كلا الطرفين قد استفاد من الآخر، فالقادة العسكريون وجدوا في الإخوان ملاذا لحماية مصالحهم الاقتصادية الواسعة في البلاد، وكذلك لضمان خروج آمن لهم من السلطة، في حين أن الإخوان نظروا إلى الجنرالات باعتبارهم ضمانا للاستقرار في البلاد حتى يبسطوا سيطرتهم على مقاليد الأمور في البلاد بالكامل.وربما تكون تلك العلاقة التي جمعت بين الإخوان والمجلس العسكري هي الدافع الرئيسي للشائعات التي انطلقت مؤخرا حول وجود صفقة ما بين القادة العسكريين والجماعة، حول تقديم الدعم لمرشح رئاسي بعينه.إلا أن الأزمة الأخيرة التي ثارت بين الجماعة والمجلس الحاكم، قد جاءت لتغير تلك الرؤى، خاصة بعد البيان الذي أصدرته الجماعة، لتشير فيه إلى مخاوفها من تزوير الانتخابات الرئاسية القادمة، وهو ما رفضه المجلس العسكري وأدانه بشدة بعد ذلك.وأشارت الصحيفة إلى تصريحات قد أدلى بها مؤخرا محمود غزلان المتحدث الرسمي باسم الإخوان المسلمين، والذي أكد أن تلك الانتقادات الواسعة التي واجهتها الجماعة كانت متوقعة خاصة ممن وصفهم بـ"أعداء الجماعة"، موضحا أنه كلما استطاعت الجماعة تحقيق إنجاز جديد ازدادت تلك الحملات التي تستهدفها.وأكد القيادي الأخواني أن الشاطر لديه الحق القانوني للترشح إلى مقعد رئيس الجمهورية بمصر، خاصة بعد العفو الذي أصدره المجلس العسكرى بحقه بعد أن قام النظام السابق بحبسه لسنوات طويلة، وأضافت الصحيفة الأمريكية أن المجلس العسكري لم يبد أي رد فعل تجاه قرار الأخوان بترشيح الشاطر حتى الان.إلا أن معارضي الجماعة قد أعربوا عن إستيائهم الشديد من قرار ترشيح الشاطر، ولعل أهم ما أبرزته الصحيفة هو ما كتبه د. محمد البرادعي على صفحته الرسمية بتويتر، مؤكدا أن الثورة المصرية لم تقم من أجل أن يهمين العسكريون أو الإسلاميون على مقاليد الأمور في البلاد أو من أجل أن تعود البلاد الى "ديكتاتورية الأغلبية".وأضافت الصحيفة أن حملة الانتقادات لم تقتصر على معارضي الجماعة إنما امتدت إلى عدد من المنظمات التي تنتمي إلى تيار الإسلام السياسي وكذلك بعض أعضاء الجماعة، ولعل أبرزهم القيادي البارز بالجماعة كمال الهلباوي، والذي أعلن استقالته بالأمس احتجاجا على ترشيح الشاطر في الانتخابات الرئاسية القادمة.