حازم مبيضينتطرح مسألة تسمية الإخوان المسلمين, للمهندس خيرت الشاطر, كمرشح لرئاسة مصر, الكثير من التساؤلات عن علاقة الجماعة بالمجلس العسكري الحاكم, الذي يفضل بالطبع رئيساً محكوماً بالعلاقة الإيجابية معه, وبحيث لايفقد العسكر الامتياز الذي يتمتعون به,
منذ إطاحة الملك فاروق, حيث تولى رئاسة الجمهورية أربعة عسكريين انتهوا ( ما عدا عبد الناصر ) نهايات تراجيدية, إذ عزل أولهم بشكل مهين, وعاش حياة بائسة منبوذاً من كل الذين هتفوا باسمه يوماً ما, وقضى الثالث قتيلاً على يد العسكر, وأطيح بآخرهم نتيجة ثورة شعبية عارمة, أطلقها وحمل ألويتها شباب مصر, وقطف ثمارها بانتهازية واضحة, تنظيم الإخوان لمجرد امتلاكه خبرات تنظيمية, حملت مرشحيه ليكونوا أغلبية في البرلمان ولجنة صياغة الدستور, وهم يناورون اليوم لترؤس الحكومة, وعينهم على رئاسة الجمهورية, وبحيث تتم سيطرتهم على كل مفاصل الحياة السياسية في أرض الكنانة. المؤسف في الوضع الراهن, أن الشعب المصري واقع في أتون الصراع بين العسكر, الذين يمثلهم المجلس الحاكم, وبين الإسلام السياسي, الذي يرفع صوته الإخوان والسلفيون, وكل هؤلاء لايؤمنون بالدولة المدنية, التي قدم شباب مصر قوافل الشهداء للوصول إليها, وهم لم يحتشدوا في ميدان التحرير, لاستبدال عسكري بعسكري, أو رجل دين لايمتلك برنامجا للحكم, غير شعار الإسلام هو الحل, ولعل في الدعاية التي يتبناها أتباع الشاطر, وتقارنه مع النبي يوسف الذي تقول القصة القرآنية إنه خرج من السجن ليحكم مصر, فينشرون صوره وهو بلباس السجن أيام مبارك, أو الترويج بأن للشاطر دعوة مستجابة كانت سببا في إسقاط نظام مبارك, وفي كل ذلك دليل على ضحالة البرنامج الذي يتسلح به الشاطر ومن خلفه مجموعة من أعضاء جماعة الاخوان, إذ أن هناك الكثير منهم يعارض ترشيح أي من أعضاء التنظيم لموقع الرئاسة, أقله في هذه المرحله. صعب قبول نظرية المؤامرة, التي يجري تداولها كلما عجز منظروها عن فهم الأحداث على حقيقتها, وهم اليوم يتحدثون عن اتفاق سري بين الإخوان والعسكر, يقضي بتعدد مرشحي الإسلام السياسي, لتشتيت الأصوات, وبحيث تتهيأ الفرصة لمرشح العسكر للوصول إلى موقع الرئيس, وتذهب رئاسة الوزراء للإخوان, وهم يسيطرون اليوم على البرلمان, وهكذا يتم تقاسم كعكة الحكم بعد مبارك, بين ورثته من العسكريين وبين الإخوان, ويخرج أبناء الثورة الذين فجروها وأنجحوها من المولد بلا حمص كما يقول إخوتنا المصريين, ويبدو مثيراً للسخرية موقف إسرائيل القلق من ترشح الشاطر, باعتبار أن الإخوان ليسوا أصدقاء لإسرائيل, ولا يتمنون لها الخير, وتتجاهل الدولة العبرية مدى البراغماتية التي سيكونون عليها, إذا ما وصلوا إلى السلطة, كما يبدو مثيراً للسخرية تبرير الإخوان, القائل إن استقالة الشاطر من الجماعة, جاءت حتى لا يكون معبراً عن فصيل معين دون الآخر في الدولة, حتى وان كان محسوباً على الجماعة, وكأن الشاطر سيشلح جلده الإخواني قبل ولوج القصر الرئاسي. المؤكد أن إخوان مصر الذين قفزوا إلى عربة الثورة بعد أن تيقنوا من انتصارها, معلنين زهدهم في منصب رئيس الجمهورية, يعودون اليوم ليبرروا تكالبهم على المواقع كافة, بالزعم أنه بعد الانتخابات البرلمانية بدا أن المشهد لا يتجه في اتجاه الثورة, وأن هذا المسار لا يصل إلى منتهاه وهدفه, وأن هناك محاولات مستميتة لمنع هذا, وكأنهم هم من فجرها ودفع أثمان نجاحها, فيما تؤشر الحقائق أن شعور الاخوان بأنهم باتوا على حافة السلطة, للمرة الأولى منذ إنشاء الجماعة قبل 84 عاماً, يشعرون أيضاً بالقلق من إمكانية ضياع تلك السلطة منهم , وهم في تحركاتهم الأخيرة, لا يأخذون بالإعتبار مواقف وتوجهات القوى الأخرى في الساحة السياسية المصرية, بفعل نشوة الانتصار في الانتخابات البرلمانية, ويثير ذلك مخاوف مشروعة من انتقال مصر إلى بلد تحكمه جماعة لاتعرف جيداً مواقع خطوتها القادمة, إلا إن تعلق الأمر ببسط سيطرتها على كل مناحي حياة المصريين.
في الحدث: إخوان مصر... غلطة الشاطر بألف
نشر في: 2 إبريل, 2012: 09:55 م