TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > في الحدث: الحجر على السفهاء

في الحدث: الحجر على السفهاء

نشر في: 3 إبريل, 2012: 09:53 م

 حازم مبيضينلا يمكن تخيل مقدار السفاهة, التي تدفع مواطناً إماراتياً للتفاخر بإنفاق ما يقارب المليون دولار, عداً ونكداً,  لتشجيع مطربة ناشئة, في برنامج أرب آيدول, في حين ينفق مواطن إماراتي آخر مبلغاً مشابهاً لدعم منافستها, وبما يعني في نهاية الأمر, أن لا هذه تستحق الفوز ولا تلك, ما دام الإعجاب بهما,
والتصويت لإنجاحهما, يتركز على اثنين فقط, وجدا بين أيديهما ثروة لم يتعبا أو يبذلا جهداً في الحصول عليها, فكان سهلاً عليهما تبذيرها بهذا الشكل المؤسف والمشين في آن معاً, وبما يحتم على عائلتيهما, أو الجهة الحكومية المعنية, العمل على الحجر عليهما, ومنعهما من هذا التبذير, الذي بدا وكأنه مباراة بينهما, لإثبات من منهما أكثر سفاهة من الآخر.الإنفاق السفيه لا يمكن أن يتم دون وجود أرضية مناسبة, فهو يحتاج أولاً إلى شخص فارغ من كل القيم, يتمتع بغرائز فوق أو تحت الغرائز البشرية, وهو مستعد لملاحقتها إلى آخر الدنيا دون أي اعتبارات, تتعلق بنظرة المجتمع لتصرفاته, أو أثر ذلك على سمعته, وعلى أفراد عائلته, وهو يتوهم أنه مركز الكون, وأن على الجميع التصفيق لسفاهاته, باعتبارها فوق العادة, والغريب أن بعض هؤلاء يتفاخر بسفاهته, كما حصل في البرنامج التلفزيوني المذكور, وهو يحتاج إلى كم فائض من المال السهل, كأن يكون إرثاً, أو متأتياً عن هدية أو ما شابه, ليكون سهلاً تبذيره دون أن يرف لمبذره جفن, أو يعني نقصاً في المدخرات. نعرف أن الهدف من هكذا برامج تلفزيونية, هو جمع المال من خلال رسائل التشجيع, فالفضائية التي تبثها تحصل على نسبة من الأجور, التي تتقاضاها شركة الاتصالات التي يتم التصويت من خلالها, وهي رسائل لها أثمان مرتفعة, تختلف عن أثمان الرسائل العادية, التي يتبادلها الناس هذه الأيام بمناسبة ودون مناسبة, ولعل بإمكاننا التأكيد على أن الهدف المعلن, وهو اكتشاف مواهب تستحق الرعاية والدعم والتشجيع والإشهار, يقع في آخر اهتمامات  تلك المحطات, ولذلك نلاحظ إلحاح مقدمي تلك البرامج على المشاهدين للتصويت بكثافة, فكل رسالة تزيد من دخل المحطة, وتراكم أرباحها.في برامج مماثلة كان الحس القطري أو الوطني يستيقظ,  فيبدأ تصويت أبناء القطر, الذي ينتمي له المتسابق أو تنتمي إليه المتسابقة, يتسابقون على التصويت لإنجاحه أو إنجاحها, ويعتبرون ذلك مسألة وطنية تستحق التضحية والفداء, وأعرف بعض هؤلاء الذين أصابتهم الدهشة, حين عرفوا مقدار ما يتوجب عليهم دفعه لشركات الاتصالات, مع أن للمال الذي يمتلكونه أوجه صرف محددة, ولا يمكن تجاهلها, فبعضهم أخر تسديد قسط مدرسة ابنه, والبعض الآخر تأخر عن تسديد قرضه البنكي, وبما رفع نسبة الفائدة عليه, واعرف واحداً كان مجبرا على الصحو باكراً جداً, ليذهب إلى عمله سيراً على الأقدام, لأنه لم يعد يجد أجرة الطريق.لسنا بالطبع ضد اكتشاف مواهب جديدة, تثري الحركة الفنية وتغنيها, ولعل من الواجب الحث على مزيد من هذه البرامج, ولكن دون كل هذا الإنفاق السفيه, في منطقة يموت بعض الأطفال فيها من الفقر, ويرتكب الكثير من شبابها جرائم متنوعة بسبب الحاجة, ويحتل جزء منها, يعيش سكانه معاناة لا يشعر بها أرباب تلك الفضائيات, ولا من ( يمسجون ) لهم بآلاف الدولارات, والمحزن أن الرقم ارتفع الى خانة الستة أصفار, وبما يستدعي من الجميع التنبه, إلى أننا نصب الأموال في جيوب من لا يستحقون, وندفع بمن لا يستحق إلى الواجهة بفلوس السفهاء.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram