TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > قرطاس: ذهبت السكرة فأين الفكرة؟

قرطاس: ذهبت السكرة فأين الفكرة؟

نشر في: 4 إبريل, 2012: 09:05 م

 أحمد عبد الحسيننشوة الحكومة العراقية بما اعتبرته نجاحاً للقمة لم تستمرّ طويلاً، رغم أن الإعلان عن هذا "النجاح" سيستمرّ إعلامياً، فقد تسربتْ أنباء عن وجود تعميم من مكتب رئاسة الوزراء إلى "الإعلام الرسميّ" بضرورة الاستمرار في الاحتفاء بالقمّة "الناجحة" حتى يوم التاسع من نيسان الجاري
 الذي سيتمّ الشروع فيه بالكلام أياماً طوالاً عن قدرة وحنكة المفاوض العراقيّ الذي طرد المحتلّ، إلى أن يجدوا مناسبة أخرى لتمجيد الحكومة ،المناسبات كثيرة، و"الإعلاميون" جاهزون ورهن الإشارة والحكومة سخيّة.لكنّ المالكيّ نفسه يدرك الآن أن ما كان نجاحاً له ولحكومته قد بدأ يتسرّب من بين يديه، عدم القدرة على عقد اجتماع الكتل السياسيّة، المشكلة المتفاقمة مع التحالف الكردستانيّ، سفر الهاشميّ إلى الدوحة والرياض واستقباله كنائب لرئيس الجمهورية، اشتداد الأزمة بينه وبين السعودية وقطر، ورغبة هاتين الدولتين في إيقاف آثار نجاح المالكيّ النسبيّ، ينضاف إلى ذلك كله الحملة الإعلامية القويّة التي تشنها هاتان الدولتان على المالكيّ منذ أيام.هذا كله وسواه عجّل بنهاية نشوة القمّة، والسيّد المالكي نفسه شحذ بيديه سيوف أعدائه دون أن يدري، فحديثه عن استحالة سقوط نظام الأسد، كما حديثه عن شروطه الصعبة للقاء العراقية وتصريحات الشهرستاني المستفزة لكتل أخرى، أسهمتْ بتوتّر المناخ السياسيّ عراقياً وعربياً.لعلّ هذه تكون هي إستراتيجية السيّد رئيس الوزراء الذي ربما يكون قد استمدّها من الحكمة القائلة "إذا هبتَ أمراً فقعْ فيه" فهو يؤجل ملفاته ليفتحها فجأة دفعة واحدة باحثاً عن مخرج واحد يصلح ليكون حلاً لها جميعاً.نجح فيها مراراً، فلم لا ينجح هذه المرة، فهي قد تكون وصفته المجرّبة وقد تكون هذه الإستراتيجية هي سمة العهد المالكيّ، لم لا؟لكنّ معضلات المالكي هذه المرة معقدة: الهاشميّ المطلوب للقضاء يتجوّل بحريّة في عواصم لا تكنّ كثير الودّ لرئيس وزرائنا، وحين طلبت الحكومة من الدوحة تسليم الهاشمي لها "وهو طلب غير منطقيّ فعلاً لأن الهاشمي كان في أراضٍ عراقية قبل أيام" كان ردّ وزير خارجية قطر مفحماً "الأعراف الدبلوماسية ومنصب الهاشمي يمنعان قطر من فعل مثل هذا العمل".والتوتّر مع التحالف الكردستاني سيكون أكثر تأثيراً من توتّر علاقات "العراقية ـ القانون" الحليفين اللدودين، ورهان المالكيّ على صمود بشار الأسد رهان محفوف بالمخاطر فهو يجازف في جعل نفسه مصطفاً مع إيران وروسيا بوصفهما محامين للشيطان، إذا انجلتْ غبرة الأحداث في دمشق عن سقوط نظام البعث، سقوطاً سيكون له دويّ هائل.العواصم التي تتربص بالعراق ولا تريد له استقراراً، يسعفها أداء الحكومة العراقية في نيل مبتغاها وتحقيق أمانيها، فلا الحكومة قادرة على ترتيب البيت العراقيّ ولا هي قادرة على نزع فتائل الأزمات مع الجيران والتحاور معهم، ولا رئيس الحكومة يريد أن يغيّر من إستراتيجيته القاضية بفتح عدة جبهات في آن واحد.انتهت القمة ، ذهبت السكرة ومع ذلك لم تأت الفكرة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram