بغداد/ نورا خالدلوحظ في الآونة الأخيرة تراجع كبير في الاهتمام بأدب الأطفال وإصداراته في العراق، ولم تعد دار ثقافة الأطفال، الجهة المعنية بذلك، قادرة على مواصلة نشاطها في هذا المجال وللوقوف على الأسباب التقينا عددا من المختصين وكان أولهم كاتب الأطفال الكبير د. شفيق مهدي الذي أشار إلى انه في السابق كان يطبع باليوم الواحد مطبوعان من (مجلتي) و(المزمار)
ويعني هذا أن كل 12 ساعة يصدر مطبوع من تلك المجلتين إضافة إلى مكتبة الطفل والملاحق، واقل عدد من النسخ هو 50 ألف نسخة من كل كتاب، مما جعل المطابع العراقية غير قادرة على طبع مثل هكذا أعداد فاستعنا بالمطابع الأهلية مثل الدار العربية ومطبعة الراية وعندما لم تكف هذه المطابع أيضا اضطررنا للاستعانة بالمطابع العالمية في اليابان ولبنان وايطاليا وكانت دار ثقافة الأطفال قد جذبت إليها المع الأسماء وكانت الدار تحصد الجوائز الأولى من منظمة التربية والثقافة والعلوم التابعة للجامعة العربية (الالسكو) في القصة والقصيدة والرسم وغيرها، وأضاف: أما الآن وفي زمن الانفتاح والديمقراطية وبعد ان حصل العراق على مليارات الدولارات، يبدو ان التقشف قد شمل دار ثقافة الأطفال فقط، فمن إصدار مطبوعين يوميا إلى إصدار ستة أعداد من مجلتي وستة أعداد من المزمار سنويا ومن ملايين النسخ إلى بضعة ألوف. والكتب التي تصدر بالمئات أصبحت الآن لا تتجاوز سوى عشرة عناوين سنويا ولهذا السبب انفض الكتاب والرسامون عن دار ثقافة الأطفال ولم يبق سوى اقل من عدد أصابع اليد الواحدة من الكتاب والرسامين. وأشار شفيق إلى أن اغلب المجلات التي ظهرت في الوطن العربي قامت على أكتاف وأقلام الكتاب العراقيين. وهنا أعلن أنا كاتب الأطفال شفيق مهدي اعتزالي عن كتابة الأطفال بعد 42 عاما من الكتابة احتجاجا على إهمال وتهميش دار ثقافة الأطفال. بعدها توجهنا بالسؤال عن سبب تراجع الاهتمام بأدب الأطفال إلى كاتب قصص الأطفال صلاح محمد علي الذي أكد انه وفي فترة السبعينيات والثمانينيات كان هناك ازدهار في أدب الأطفال وعزا السبب الى ان الشارع العراقي كان في تلك الفترة يميل إلى الثقافة والتثقف وهي صفة يعتز الإنسان بامتلاكها واستمرت هذه الحالة إلى منتصف الثمانينيات بعد هذا التاريخ مر الإنسان بنوع من الهموم وأصبحت الثقافة أمراً شبه ثانوي بالنسبة لهم، أما هذه الهموم فالحرب وما أفرزته من مخلفات وأعباء فوق طاقة الإنسان، وبدأ الإنفاق الحكومي لأدب الأطفال يتناقص تدريجياً لذلك نستطيع القول إن الشارع الثقافي للأطفال أصبح شبه مهجور ومن مظاهر ذلك تراجع صدور المجلات الأساسية كمجلتي والمزمار من الأسبوعي إلى الشهري وتناقص عدد النسخ من 150 ألف نسخة أسبوعيا إلى 10 آلاف نسخة شهرياً وأصبح الأمر أشبه ببضاعة فقدت سوقها بعد أن فقدت مستلزمات ديمومتها وهناك سبب آخر هو أن الطفل في العالم الثالث ينظر إليه كمخلوق ناقص ويشار إليه بكلمات التجهيل.وأضاف: عموماً المجتمع العراقي من غير المختصين بالطفولة يعتبرون قضية الأطفال غير مهمة سواء على مستوى التدريس والتثقيف ويعتبرونه أمراً ثانوياً وهذا ليس متعلقاً بالمختصين بقدر تعلقه بنضج المجتمع. وتابع: نتيجة لتناقص إصدارات مجلتي والمزمار وبما أن السوق العراقية مفتوحة ومن جملتها المطبوعات فحصل سد للفراغ باستيراد المجلات والكتب العربية وهذا شي صحيح ولكنه يؤشر إلى نقص في مطبوعاتنا. وأشار محمد علي في نهاية حديثه إلى أن الحل يكون من خلال الوعي الرسمي لأهمية ثقافة الطفل وإنفاق حكومي يلبي حاجة 14 مليون طفل عراقي. وأشار الفنان عبد الرحيم ياسر احد المختصين برسوم الأطفال إلى ان الدولة في السابق كانت تستثمر مبالغ كبيرة من اجل الاهتمام بالإصدارات الخاصة بالأطفال تصل إلى ربع مليون نسخة شهريا في السبعينيات، واكد ان الاسباب المادية ليست وحدها ما ادى الى تراجع ادب الطفل وإنما هناك أسباب لوجستية أخرى منها مثلا كان العراق يملك اكبر دار نشر تصل مطبوعاتها إلى كل أنحاء العراق والعالم فضلا عن مطابع قادرة على طبع مجلتي والمزمار بأعداد كبيرة جدا وما كان على الكاتب إلا أن يكتب للأطفال وعلى الدولة طبعها وتوزيعها وبالكمية التي يطلبونها، وأضاف ياسر فضلا عن الأسباب الاجتماعية كالأمية التي اعلن العراق خلوه منها نهاية السبعينيات اما الآن فالأمية منتشرة بشكل كبير بين الأطفال، كما ان المواطن العراقي سابقا كان يمتلك عادة القراءة إلا أن هذه العادة بدأت تتراجع وبشكل كبير وأصبح الطفل يشاهد التلفزيون والقنوات المختصة بالأطفال اكثر من اهتمامه بالكتاب والذي لا يعوضه اي شيء آخر، وتابع: رغم انتشار العديد من المجلات العربية في السوق العراقية الا ان مجلتي ما زالت تعرف بكتاباتها المدروسة ولغتها المعتنى بها وليس فيها خروقات عن العمل التربوي لذلك لا يمكن لي إلا أن أصفها بالمجلة الرصينة.
كاتب يعلن اعتزاله بعد 42 عاماً..أدب الأطفال أصبح تراثاً من الماضي
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 4 إبريل, 2012: 10:41 م