TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > أحاديث شفوية: تشيخوف من هونغ كونغ

أحاديث شفوية: تشيخوف من هونغ كونغ

نشر في: 4 إبريل, 2012: 10:42 م

 احمد المهنالسبب أو لعشرين سببا، كثيرا ما عنت "الوطنية" في العالم العربي والإسلامي عداوة الدول العظمى. بريطانيا وفرنسا في النصف الأول من القرن العشرين، ثم أميركا بعد ذلك.اخواننا المصريون كانوا وظلوا اساتذة هذا الموقف.
 كنت قبل شهور في صالون ثقافي في القاهرة ضم مجموعة من المثقفين المصريين. وسألت عن باحث معروف ونائب حالي: لماذا ليس بينكم؟ فهمت أن السبب هو "الحساسية المصرية" من الغرب، وبما أن الرجل متحرر منها، فهو غير مرحب به في ذلك الصالون.وقد اتفقت مؤخرا مع دار نشر مصرية على طبع كتاب لي يتناول احد جوانب "المسألة العراقية" بعد 2003. وقعنا العقد ومضى كل الى غايته. ولكن بعد فترة أبلغتني الدار إعتذارها. لماذا؟ الجواب: أنت مع الإحتلال الأميركي لبلدك.. معقولة يا رجل!والكتاب لم يتوقف أصلا عند هذا الموضوع. أكثر من ذلك فقد إتخذ موقفا نقديا معارضا من "اجتثاث البعث" وهو أول أعمال الحاكم المدني الأميركي بول بريمر. والمسألة هي أنني لم أقم بواجب التعوذ من أميركا ولعنها. ولكن لنفرض أن الكتاب كان كما قالت دار النشر، فلماذا لا يعتبر ذلك "رأيا آخر"؟و"رأيي الآخر" الذي لم يرد في الكتاب هو أن القضاء على الدكتاتورية في أي مكان في العالم، يجب أن يرتفع الى مستوى القانون الملزم للشرعية الدولية، بصرف النظر عمن يقود هذه الشرعية، أميركا اليوم، أو سيراليون غدا. هكذا ببساطة. وأكثر من ذلك فإن "الوطنية" في اي بلد، من وجهة نظري، توجب صداقة الدولة الأعظم في العالم خاصة، وبقية الدول عامة. كما توجب تجنب الدول "صانعة المشاكل"، لأن من المشكوك فيه أن تخدم صناعة المشاكل مصالح أي بلد.وكانت الأغلبية العظمى من العراقيين تأمل من كل قلبها عام 1991بأن تستكمل أميركا تحرير العراق من نظام صدام بعد تحريرها الكويت. وكان موقف هذه الأغلبية هو نفسه عند الغزو الأميركي للعراق عام 2003. كما اصبح ذلك هو موقف الأغلبية الليبية العام الماضي، وهو اليوم موقف الأغلبية السورية.وقد يعود الليبيون اليوم، والسوريون بعد تحريرهم من الدكتاتورية غدا، الى سيرة حليمة في "الحساسية" من أميركا، كما فعلت تقريبا نفس "الأغلبية العظمى" منا نحن العراقيين! والسبب ليس فقط "نكران الجميل" وهو خلق أصيل في الطبيعة البشرية، وانما هناك ايضا "تخثر" عداوة الغرب في دم الشرق، ومصالح وأكاذيب القوى المعتاشة على كنوز الجهل، والمذعورة على مصائرها من آفاق "التنوير".وكان ملك القصة القصيرة انطون تشيخوف يوما في زيارة الى هونغ كونغ، فدهش من تقدم ورفاه تلك المستعمرة البريطانية. ومن هناك كتب رسالة الى صديق قال فيها:" وقد سخطت أشد السخط عندما سمعت زملائي من المسافرين الروس ينتقدون البريطانيين على استغلالهم لأهل هونغ كونغ. ورحت أقول لنفسي حقا أن الإنكليز يستغلون أهل هذه البلاد، ولكنهم يعطونهم، بدل استغلالهم، الطرق والمجاري والمتاحف والمسيحية. أما أنتم فتستغلون أيضا ولكن ماذا تعطون بدل هذا الإستغلال؟".ومصير هونغ كونغ عينة على استغلال الغرب، كما أن مصائر دول"الحساسية ضد الغرب" عينات على استغلال "الوطنيين". هذه بالطين وتلك المقاطعة الصينية بالعلالي. ألا ترون؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram