حسام مصطفى بالمباشر ودون الدخول في التنظيرات الفارغة والتفاصيل المملة نستطيع القول بلا تردد ان معرض اربيل الدولي للكتاب قد كشف عن حقيقة غطاها غبار الواقع وسطحية الظواهر التي تريد ان تؤكد وترسخ سيطرتها المطلقة على الحياة بكل تنوعاتها على عقول وافكارالجيل الحالي ، الجيل التسعيني ، نقول المعرض بدد هذا الغباروكشف عن ان هذا الجيل المتهم بولعه بالمستويات الهابطة في الفن والغناء والمسرح والكتاب معا ، ونفى التهمة عنهم وعن سطحيتهم وان كانت المظاهر التي تبرز على السطح اكثر قوة ودلالة وتأثيرا .
استطيع القول دون تردد ايضا ان 90% من زوار المعرض هم من هذا الجيل من الشباب ، وافترضت انهم جاؤوا للتسلية أو قضاءالوقت أولاسباب اخرى ، لكن الحقيقة التي اكتشفتها هي ان هؤلاء الشباب جاءوا للبحث عن المعرفة والاكتشاف بل والاختيار احد الشباب اشترى كتابا عن السيرة النبوية فيما اشترى كتابا آخر عن جيفارا وعندما سألته عن سبب هذين الاختيارين قال اعرف الشيء القليل عن السيرة النبوية ولكني لااعلم شيئا عن هذا الرجل مشيرا الى الكتاب الذي كان بيده ، امثلة كثيرة لانستطيع ان نوردها كلّها وشاهدت اغلبية الشباب الذين زاروا المعرض قد حملوا بيدهم على الاقل كتابا واحدا قبل ان يغادروه واعينهم الى رفوف الكتب . الاكيد اننا امام اشارات قوية الى ان هذا الجيل المتهم بالجهل والسطحية لايستحق مثل هذه التهمة وهو براء منها جملة وتفصيلا .ونستطيع ان نستنتج السبب الذي يدفع بعض القوى الى محاربة الظواهر الثقافية ليس لمعارض الكتاب وانما في المسرح والسينما والغناء والرقص ايضا ، لانهم بكل وضوح يخافون من الوعي والمعرفة ، يخافون ان يبدأ الشباب بالاطلاع والتمييز والاختيار ومن ثم السؤال ، السؤال الذي تنطلق منه رحلة البحث عن الحقيقة والانطلاق الى سماء المعرفة والابداع.اما التواجد النسائي فكان مميزا ، وفاق من روعته وتميزه ان الكثير من النساء جئن مع اطفالهن سواء بعرباتهم أو بحملهن لاطفالهن والاجمل ان الكثير من الاطفال كانوا يتناولون الكتب تقليبا وهي الخطوة الاولى الى عالم المعرفة لان الاطفال عادة مايلتصقون بالاشياء التي تبهرهم منذ نعومة اظافرهم . تلك القوى التي تحارب الثقافة والكتاب والابداع بمختلف مجالاته وهي قوى متطرفة تدرك ان نهاية امتداداتها تبدأ من الكتاب الابداعي الحضاري المتنور والفكر المتسامح الذي يدعو الى اسس مشتركة للتعامل مع الانسان بما تنطوي عليه تلك الاسس الانسانية من مساواة بين الجنس البشري بعيدا عن التسميات الاثنية والمذهبية والدينية والقومية ، رغم ان تلك الانتماءات لاتلغي ولا تتعارض مع الانتماء للانسانية كفضاء واسع للجميع .
وهم ضياع الوعي!!
نشر في: 5 إبريل, 2012: 07:49 م