وديع غزوانأدت حكومة إقليم كردستان في تشكيلتها السابعة برئاسة نيجيرفان بارزاني اليمين القانونية أمام البرلمان ،إيذانا بممارسة مهامها لخدمة المواطنين وإكمال مشوار برنامج الطاقم الحكومي الذي سبقه برئاسة الدكتور برهم صالح ، خاصة في مجال ستراتيجية الإصلاح التي أعلنها رئيس الإقليم العام الماضي .
وإذا كان ما تحقق في كردستان من خطوات كبيرة في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية يعد متقدماً نسبياً قياساً بما حصل في بقية أنحاء العراق الأخرى، فإن ذلك يفرض بالمقابل تحدياً من نوع خاص على مسؤولي الإقليم وبالخصوص السلطة التنفيذية التي عليها واجب تنفيذ برامج الإصلاح بشكل حي يتناسب وما تحتاجه الجماهير الكردستانية .ليس هنالك من سبيل للادعاء بأن برنامج الإصلاح قد طبق بشكل كامل بدليل تقرير اللجنة المتخصصة المكلفة بمتابعة ما نفذ منه الذي دعا إلى بذل جهود اكبر على طريق محاربة مظاهر الفساد في بعض المفاصل بشكل صريح وهو ما نعتقد انه كان ما ثلاً أمام رئاسة الحكومة الجديدة ووزرائها وهم يؤدون اليمين القانونية وهم يعرفون مسبقاً حجم المسؤولية الكبيرة التي عليهم النهوض بها في هذه المرحلة الحساسة من تجربة كردستان .ومن الإنصاف الإشارة إلى أن التشكيلة السابقة للحكومة وهي تقطع أشواطا على طريق الإصلاح لم تكن تخفي عن المواطن جوانب من سلبيات العمل وتعاملت بشفافية مع مطالبه المتشعبة. ورغم ما أنجزته من مهام لم تكن سهلة خاصة في مجال التركيز على تقديم الخدمات إلى القرى والمناطق البعيدة عن مراكز المدن ومحاولة تقليص الفارق بينهما ومباشرتها سياسة ناجحة في مجال تنمية الموارد البشرية وتطوير جدي لقطاع التعليم العالي والتربية، فإنها لم تجعل من ذلك مبرراً لها للتعالي على المواطنين ، بل كانت تسعى دائماً لإعطاء صورة جديدة عن معاني المسؤولية وتجسيد شعار " المنصب تكليف وليس تشريفاً " على ارض الواقع . لا أعرف جيداً رئيس الحكومة الجديدة نيجيرفان بارزاني إلا من خلال متابعة نشاطاته السابقة في الكابينة الخامسة من خلال موقع الحكومة الرسمي ، غير أن رسالته المنشورة على موقعه على الفيس بوك عند بدايات تكليفه بمهامه ودعوته المواطنين إلى إبداء أرائهم وملاحظاتهم وانتقاداتهم تمنحنا فرصة الاطلاع -ولو نسبياً -على طبيعة الأجواء السياسية الجديدة التي وسمت مشهد العمل السياسي في الإقليم وتعزيز نهج جديد يمنح المواطنة معانيها النبيلة التي افتقدناها لسنوات طويلة وسط إغواءات السلطة وصولجاناتها وكراسي المواقع المحاطة بحاشية " السلطان " وحراسه والابتعاد تدريجياً عن سماع أي صوت للمواطن إلا من خلال موظفي المكاتب وبذا ينحرف المسؤول عن جادة الصواب ويستهويه سماع صوت المديح والأغاني والأناشيد التي تمجّد أعماله ومكرماته ! ، كما أن لقاءات رئيس الحكومة بأطراف المعارضة والتشاور معهم بشأن تشكيلتها ، قبل أن تعلن ، تؤكد الإيمان بالديمقراطية الكفيلة بتحصين أي تجربة من عوامل الانحراف . نتمنى للحكومة الكردستانية الجديدة النجاح من خلال التفاعل والتعاون أكثر بينها وبين السلطات الأخرى كالبرلمان لاستئصال حالات الفساد وتوسيع المشاركة في إدارة الإقليم وحماية المواطنين من الذين يتجاوزون صلاحياتهم واعتماد الكفاءة والمهارة والخبرة كما جاء في ستراتيجية الإصلاح.
كردستانيات: الحكومة الجديدة ومعاني المسؤولية
نشر في: 6 إبريل, 2012: 10:17 م