 هاشم العقابيلم اجد تصريحا رسميا احترم حق العراقيين بمعرفة الحقيقة كمواطنين، من دون تشنج وعبارات استفزازية تشعل نار الطائفية ولا تطفيها، مثلما وجدت بيان الرئيس جلال طالباني حول سفر نائبه الى قطر والسعودية. اليوم فهمنا بأن النائب قد سافر دون الحصول على موافقة رئيس الجمهورية.
 كذلك بيّن الرئيس موقفه بوضوح من سفر الهاشمي وتصريحاته بوصفها "لا تتطابق مع رؤية رئيس الجمهورية ومواقفه الداعية إلى تعزيز التفاهم الوطني وتفادي الشحن الطائفي". ثم انها "يمكن أن تنال من المكاسب المهمة التي حققها العراق بانعقاد مؤتمر القمة العربية بعد استعادة عافيته ليتبوأ الموقع اللائق به في الأسرة العربية والأجنبية والدولية". بيان المعلومة وتوضيح الموقف سمتان تمثلان الشفافية وتدينان تصرف الهاشمي الخاطئ، مثلما فيهما احترام واضح لعقل الشعب وحاجته لمعرفة الحقيقة بوضوح.ولم يخل البيان من سمة أخرى مهمة تثلث السمتين السابقتين. انها لغة البيان المهذبة. فلم نجد فيه مفردة استفزازية تهدف لإذلال الآخر او احتقاره، برغم ان هذا الآخر تصرف على العكس من توجهات الرئاسة التي هو واحد من نوابها. لغة تثير بالنفس شيئا من الفرح لانها تشعرنا حقا بأن لغة مهاترات صدام وروائح طغيان بيانات مجلس قيادة ثورته قد ولت بالفعل.لكن، في مقابل ذلك، تجد مسؤولا في الحكومة او عضوا في مجلس النواب لا شاغل يشغله سوى ان يتصدى "بحزم" لأي سلوك ينبئ بالخلاص من قيم الدكتاتورية والطغيان باعتماد لغة تلعلع بالشر وتشعل الفتن. فالنائبة حنان الفتلاوي، كمثال من بين امثلة اخرى، استكثرت علينا، كشعب، شفافية بيان الرئاسة وخلوه من لغة المهاترات السياسية، فهدّت تناشد الرئيس طالباني ان اسحب يد نائبك. ومصطلح "سحب اليد" هذا لم اجد له اصلا في الدستور ولا في قوانين مجلس النواب. نبرة ذكرتني بنبرة حجي راضي حين رد على "ابو ضوية" الذي اشتكى من ان زوجته تسببت في تقصيره باكمال "واجب" القراءة: "طلكها"! فإن كانت نائبة ولا تدري بأن مجلس النواب قد اصدر قانونا خاصا اسمه "قانون نواب رئيس الجمهورية" يحمل رقم (1) لسنة 2011، حدد بوضوح طريقة تعيين نواب رئيس الجمهورية وكذلك طريقة عزلهم، فمن سيدري اذن ؟ أمي ؟ على قول الشهيد هادي المهدي. فالمادة الرابعة (ب) من القانون، تنص على أن: "لرئيس الجمهورية طلب اعفاء نائبه بناء على طلب مسبب ويعرض على مجلس النواب للتصويت عليه بالأغلبية المطلقة". فشلون يجر ايده؟ صح النوم، يا سيدتي، فهذا ليس صدام لينصب ويرفع ويجر كما يحب ويشتهي.لا اظن ان الفتلاوي كانت بحاجة لاستعمال كلمات مهينة، قد تضر ولا تنفع، مثل "اسحب يده" وانه "فقد حسن السيرة والسلوك"، لاثبات ولائها لرئيس الحكومة. كان يمكن لها ان تقول ببساطة: اناشد سيادة رئيس الجمهورية ان يتقدم بطلب لمجلس النواب لاعفاء نائبه بسبب تصريحاته الاخيرة المضرة بالعراق والتي اوردها الرئيس في بيانه، وابوها وابونا يرحمهما الله. ادعو السيدة الفتلاوي مخلصا ان تسأل نائبة عن مدينة العمارة من بين زميلاتها لتخبرها عن المغزى الذي قصدته احدى الكوالات بقولها: "راس اليعلك الشر لا تشيرونه"، فلعلها تجد فيه ما يساعدها على ضبط تصريحاتها مستقبلا. وليتها، ايضا، تنقله في طريقها لرئيس الوزراء ليتمعن به قبل ان يختار مستشاريه.