متابعة/ نورا خالد ومحمود النمر.. تصوير/ محمود رؤوفبين العين واللحظة المسرعة مساحة لا يعرفها إلا من قضى حياته يتصيد لحظات الخلود الكامن بين ظل ونور في دنيا بدأت تسير نحو الظلمة تدريجياً. مساحة النور في روح إنسانها، وظلها في قلبه، وبين الاثنين يرف جفن يبحث طويلا عن لقطة هي التي يريدها وليس غيرها،
بين هذا الرفيف الراعش للجفن جلس علي طالب، حالما بصورة فيها الحياة والموت، متجاوِرَين، فيها الفقر والغنى قد يتعادلان، وفيها الحب والكره لا يختلفان.. لكن عدسته بقيت مفتوحة على حياة لا نريدها أن تغادرنا انفتحت عين عدسته على الوجوه التي أحبها لكي يخلدها في صورة، هي في قلبه قبل أن تنطبع على كاميرته.. صور الحياة بتناقضاتها فكان مع الحب وامام الكره، صوّر اسود الحزن على الأمهات، ورسم نور الأبيض الذي ارتقبه طويلا، لكي يحلق على شعاعه نحول أمل لم يكتمل تحقيقه، وحلم انكسر في أول انعطافة لحياته.. جلس بين الفقر والثراء، حاكما عادلا على أناسٍ عملوا تحت حروف فقرهم، وبين فتات موائد الأثرياء.. حمل كاميرته بينهم وعاش فقرهم، ليكون شاهدا على خلل ميزان الحياة والعدالة، التي تكسرت تحت وجع صوره وآلام أبطاله.علي يحلم بصورة قبل أن يراها، وتتجسد مواضيعه في روح تعذبت بآلام غيرها، قبل أن تتآكل في جسده آلامه. بهذه الكلمات بدأ فيلم (لحظة وفاء خالدة) من إعداد وإخراج سعاد الجزائري، مشاهده عن الفوتوغرافي الراحل علي طالب الذي احتفى به بيت المدى للثقافة والفنون بشارع المتنبي يوم أمس الجمعة، وقدم الحفل الإعلامي عماد جاسم. rnصباح الجماسي: نقل الحقيقة بكافة جوانبها كان اول المتحدثين رئيس جمعية المصورين العراقيين صباح الجماسي والذي كان الراحل احد أعضائها، إذ أشار إلى ان علي طالب عُرف مثالاً للخلق يحب الناس جميعاً دون استثناء، انتسب إلى الجمعية العراقية للتصوير منذ أن كان عمره 19 عاماً وساهم في 15 معرضاً اغلبها تحدث عن الحياة اليومية في أزقة بغداد وصور ووثق حاراتها بكافة جوانبها ونقل الحقيقة. وأكد إن همّ الراحل كان هو كيف يشاهد وطنه العراق في سلم وسلام لكنه مات ولم يدرك ذلك.rnفؤاد شاكر: ارتبط بواقعه بألف خيطبعدها تحدث زميل مهنته وصديقه الفنان الفوتوغرافي فؤاد شاكر عن سيرة الراحل المهنية التي وصفها بكونه ميالا إلى أسلوب السرد الواقعي أكثر من غيره من الأساليب الشائعة في التصوير، وكان أيضا منحازا للإنسان وهذا يعود إلى دراسته السينمائية في أكاديمية الفنون الجميلة والتي كانت تؤثر على القصص الواقعية من حياة المجتمع والناس ولذلك فأن اهتماماته انصبت منذ بداياته غير البعيدة على ذلك الجانب أكثر من غيره، وأضاف: نجد فيه الشيء الكثير من حضور الإنسان والنماذج المقدرة من البشر وكذلك الفقراء والمهمشين والبسطاء والكسبة والذين يسعون منذ أول طلة للنهار وحتى المساء من اجل الحصول على لقمة العيش بالجهد والعمل المضني والعرق والدموع، ذلك أن (علي) مضى على طريقة المصورين الذين جاءوا ثم انظموا إلى قافلة التصوير ما بعد مرحلة الرواد الأوائل والذين كانوا يؤمنون بالأفكار الإيديولوجية التي شاعت بين المجتمعات في نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945، ولقد كان علي هكذا من حيث يدري أو لا يدري وعين التأكيد على انه ارتبط بواقعه بألف خيط وكان غالبا ما يصوِّب محتوى العدسة باتجاه حياة الناس الخالية من أي لون وطعم أو رائحة حتى ولعل إنسانيته وتعاطفه مع هذه الطبقات كانت وراء وعيه هذا. الناقد علي الفواز: تعامل مع الصورة بوصفها تكثيفاً للزمنالناقد علي الفواز وجد في هذه المناسبة فرصة للتحدث عن علي طالب الحريف، الصانع، الماهر، التقني الذي استطاع أن يتعامل مع النص البصري بوصفه سرداً للحياة وان يتعامل مع الصورة بوصفها تكثيفاً للزمن، وقال: كان علي طالب يسعى للسيطرة على الزمن.. الزمن النفسي والسياسي والاجتماعي في كل تحولاته وتناقضاته. وأضاف: من يرى لوحات علي طالب يجد فيها وعي للوحة، هذا الوعي الذي يقوم على مجموعة من التقنيات ومجموعة من المستويات التي يمكن أن تجعل من اللوحة نصاً قابلاً للقراءة والمعاينة، وقابل لإقامة مجموعة من القرائن التي تربط بين اللوحة الصورة وما بين الصورة الوعي.rnجواد الزيدي: علي طالب الغياب حضوراًوتساءل الدكتور جواد الزيدي بالقول: حين يغيب المبدع، هل يهتز وطنه؟، وأين هو وطن المبدع؟ وأجاب بالقول: انه فينا، يجرّ -كما تفعل الغابات- وراءه حشدا من الأيائل وأسراب عصافير وجوقات حمام وشيئا من الأناشيد، يجر خلفه فجرا من الفراشات وربيعا للطفولة لا ينام، يحلم بالغد الآتي وسط بساتين الزهر. وأضاف: لم يكن علي طالب يأبه يوما بمردّات ذاتية أو أهواء شخصية، بل كان موغلا في رصد همهمات الصدور والألم القابع في قاع المدن المخربة وأزقتها الضيقة. يتأمل طائرة الصبي الورقية أن تتجول يوما في فضاءات سرمدية تلامس الحقيقة وهي تحمل أحلامه الضائعات. وتابع الزيدي: هذا الفتى في رأسه بكت القرى. في رأسه صخب المدينة، تصدى لعذابات الأسلاف مع جيل ظل وفيا لانحداراته يعمل في الخفاء طويلا. بدأت الآن طروحاته تطفو على السطح، لم يكن فؤاد شا
بيت المدى يستذكرفنان الفقراء والمهمشين..علي طالب شهادة حية على اوجاع وافراح العراقيين
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 6 إبريل, 2012: 11:10 م