TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > من داخل العراق: "كاريزما" الجيران

من داخل العراق: "كاريزما" الجيران

نشر في: 7 إبريل, 2012: 09:01 م

 وائل نعمة لأول مرة أعرف فوائد عدم استمرار التيار الكهربائي لأربع وعشرين ساعة، وأكتشف قيمة أن تنقطع الكهرباء، وللمرة الاولى تمنيت أن تتوقف الأجهزة الكهربائية عن العمل لأشكر وزارتنا والشهرستاني على القطع المبرمج  !...لا تستغربوا،
ستعرفون نعمة انقطاع التيار الكهربائي عندما يكون  لديكم جار عاطل يحب ان يشاهد برنامجاً عن استخراج "الجني" بعد الثانية فجراً ويرفع صوت التلفاز وكأنه يعيش وحيداً في جزيرة!انشطار المنازل الى ثلاثة واربعة وستة مشتملات جلب الويلات للمنطقة والجيران ،وبغض النظر عن محولات الكهرباء التي اصبحت تعمل لـ100 بيت بدل 20وتنفجر كل ثلاثة ايام ،والاسلاك المتشابكة ،وابو محمد صار خبيرا في "التجطيل " ومعلق ليل نهار على اعمدة الكهرباء ، وابو سجاد المحترف في حفر الشارع لربط مياه الاسالة اصبح من اهم الشخصيات ، ظهرت مشاكل اخرى نتيجة تلاصق المشتملات الصغيرة مع بعضها ، فالرطوبة القادمة من حمّام الجيران تنهش الجدار المطلي حديثا، والاسرار العائلية اصبحت مشاعة للجميع ، وصراخ الاطفال ومعاركهم ومشاجرات الأم مع ابنتها بسبب الموبايل اضحت مباحة للجمهور، انها ازمة السكن وارتفاع العقارات وبدلات الايجار، دفعت اصحاب الاملاك الى تقسيم المنزل الى بيوت صغيرة وتأجيرها لمن هبّ ودبّ ، ويبقى الامر انت وحظلك في ان تسكن بجوارك عائلة من شخصين او من 20 فرداً!طبعا لو حظك سيء سيكون بقربك عائلة كبيرة ، معيلها عاطل عن العمل، يصرخ ويكسر البيت ،ويجر شعر الأم وبناتها ويكسر النوافذ الزجاجية في معاركه شبه اليومية، والاسوأ انه يحب ان يشاهد التلفاز بصوت عالٍ جدا يمنعك من النوم في الليل والنهار بسب تلاصق الجدران وكأنه يجلس معك في الغرفة نفسها ، فتصور انك تسهر طوال الليل على صوت قناة فضائية عجيبة غريبة لا أنصح احداً بمشاهدتها تسمى "كاريزما" وهي تتخص في اظهار عمليات اخراج "الجني " من جسم الانسان ويتحدث الشيخ الذي يقوم بعملية الاخراج مع الشخص "الملبوس " وهو يرد عليه بصوت مخيف ،وترافقها عمليات ضرب بالعصا وصراخ يستمر حتى الفجر من تلفاز الجيران! اذا حاولت ان تطرق باب الجيران  في الصباح فلن تجده مستيقضاً لأنه ينام في الفجر ، وإن لقيته بعد الظهر سيكون طيبا ودودا ويتأسف لك ويتذرع بالاطفال الذين يحبون مشاهدة التلفزيون – كما يدعي - ويأتي الليل والمسرحية تتكرر ، اغانٍ هابطة ومسلسلات تركية والسهرة مع قناة "الملبوسين ". في تلك الاثناء سترغب وبشكل حقيقي ان ينقطع التيار الكهربائي ، وتفتخر بأنك تعيش في بلد فيه برمجة لقطع التيار ، وإلا كيف ستتخلص من الكابوس الذي يلاحقك من جارك المزعج؟بقى ان نتذكر ان في اوروبا والكثير من الدول الغربية تمنع اصدار اي اصوات من الجيران بعد الساعة العاشرة مساءً، وإلا سيبلغون الشرطة وتتهم بأنك مصدر ازعاج .وتعرض  الكثير من العراقيين في بداية دخولهم الى دول اوروبية طلباً للجوء الى حالات اعتقال من قبل الشرطة للازعاج ،والاكثر من ذلك اعرف شقة تضم عددا من الشباب العراقي في احدى الدول الاسكندنافية ، الشرطة وضعت امامها دورية دائمة لأنهم يزعجون الجيران باستمرار بسبب صراخهم وتدخينهم "النرجيلة " طول الليل ، اما نحن في العراق فنحتاج الى سدادات للاذن لان القانون غائب!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram