 حسام مصطفى من أجمل الأشياء التي تميز بها معرض الكتاب هو الحضور الطاغي للمرأة ، المرأة من كل المستويات الثقافية ومن كل الأجناس ، طالبات جامعة، ربات بيوت أستاذات جامعيات، موظفات عاملات ، بمفردهن ومع عوائلهن ، حتى مع الأطفال بما في ذلك الرضع منهن، لأن مثل هذا النمط من النساء لا يرغبن في تفويت  فرصة الاطلاع على عالم آخر من عوالم المعرفة والثقافة والإبداع والاتصال بالناس .
كرنفال من النساء كن يتجولن في أجنحة المعرض، باحثات بشغف سابحات في عالم المعرفة . ولا يعتقد أحد أن الأمر شكليا مساويا لنزهة في بارك أو في مول من مولات أربيل الجميلة ، لقد كانت عربات الخدمة المخصصة للزوار لمساعدتهم على حمل الكتب ، عادة ما كنت أراها محملة بالكتب التي اقتنتها النساء مع طفل او طفلين كان قد أضناهما التعب من التجوال في أروقة المعرض ، وكانت اللوحة الجميلة تكتمل بصوت فيروز وهي تبعث في المكان جوا من السعادة بصوتها الذي يتسلل إلى الروح والعقل معا مثل نسمة هواء جبلية .ظاهرة اتهام الشباب بالسطحية كتبنا عنها في عدد سابق من هذا الملحق، الظاهرة التي بددها تواجدهم الكثيف في المعرض، واليوم تبدد النساء خرافة اختصاصها المنزلي أو سطحية تفكيرها أو عدم اهتمامها بالكتاب والمعرفة وان دائرة اختصاصها هي المطبخ وغرفة النوم . نساء وطالبات أتين من محافظات أخرى مع زميلات لهن أو في وفود جامعية وطالبات إعلام يقمن بعمل تطبيقي في المعرض بإجراء الحوارات والتحقيقات وكتابة التقارير من داخل المعرض يقمن بعملهن بثقة ورغبة في التعلم من الإعلاميين والإعلاميات المتواجدين بشكل مستمر في المعرض .شيء مبهر حقاً ويبعث في النفس الطمأنينة بأننا ليس في عصر الفساد المالي والصفقات المشبوهة وسرقة الوطن وضياعه فقط ، شيء يرسل رسائل شديدة الوضوح إلى ان مساحات  الظلام التي تعاني منها بغداد وبقية المحافظات لن تكون أبدية، عندما يقع بين يديك نموذج لامرأة تأتي من البصرة إلى اربيل بحثا عن كتاب مفقود في محافظتها او ممنوع فيها، الممنوع الذي بدأ يتسرب الى حياتنا بالتدريج مثل السرطان. واستعاذة جامعية قادمة من بغداد لتعود بكل ما هو جديد في عالم المعرفة والإبداع .نافذة من الضوء تفتحها مثل هكذا فعاليات لتكشف عن مساحة غير محددة من الأمل في واقع يشير كل شيء فيه إلى نوع من أنواع توقف الحياة وجمودها الثقافي والاجتماعي والسياسي وانحدارها الى عوالم السطحية والانكفاء على محددات قادمة من العصور المظلمة في التأريخ البشري . تحية لحواء جميلة الروح التي تفتح دائما لنا نافذة للإحساس بالأمل ومن أن الطرق التي نسير فيها ليس مغلقة جميعها..تحية لأناملها وهي تستل الكتاب مثل وردة فائحة العطر.. تحية لوجودها وتواجدها في عالم المعرفة والإبداع .. ونقول لهن "النساء أولاً"