TOP

جريدة المدى > ملحق ذاكرة عراقية > كيف عرفت الدكتور اسماعيل ناجي

كيف عرفت الدكتور اسماعيل ناجي

نشر في: 11 أكتوبر, 2009: 05:03 م

جعفر الخليلي  في سنة 1948 تم انتقالي وانتقال جريدة الهاتف من النجف الى بغداد، وكان لي ببغداد عدد من الاصدقاء من الكتاب والادباء الذين كانوا يكاتبون الهاتف ويكاتبونني وانا في النجف، بل كان الكثير منهم يزورني حين يمرون بالنجف في بعض المواسم، وازروهم انا حين تقتضي شؤون الجريدة ان ازور بغداد بقصد تموين الجريدة بالورق،
او تزويد المطبعة بالادوات، لذلك لم تكن بغداد ولاسكانها بالغريبة والغرباء عني.ومع نقل الهاتف تم نقل يوم (الهاتف الادبي)، الى بغداد وهو يوم اعتدت ان اعقده لزوار الهاتف من كل اسبوع. في النجف- وقد مر ذكر هذا اليوم كثيرا في هذا الكتاب- فتجري فيه احاديث الكتب، والشعر، والادب، والمعارضة، والمساجلة، والمباراة، والنقد، والتقريظ، وغير ذلك مما يتعلق بالادب والاجتماع في اغلب الاحيان ان لم يكن في كل الاحيان.وقد زاد هذا اليوم، ببغداد من صلات اهل الادب بالهاتف وصلاتي بهم، وكثر روداه ، وكان من بين مرتاديه فحول من اهل الفصل والادب كالشيخ علي الشرقي، والحاج عبدالحسين الازري، والشيخ كاظم الدجيلي، حين يكون حاضرا ببغداد وكان الدكتور مصطفى جواد وهو  اكثرهم التزاما بحضور هذا اليوم.ولا اذكر كم مر بالضبط حين بدأ اسم الدكتور اسماعيل ناجي يتردد في بعض المناسبات على مسامعي في هذا اليوم، وفي الايام الاخرى وكل ما اذكر هو ان ذلك لم يتجاوز السنة او السنتين من انتقالي الى بغداد فلقد بدأت اسمع باسمه كثيرا كطبيب من اطباء الشباب المتخصصين بالامراض الداخلية، وكرجل صاحب فكرة ترمي الى نشر الثقافة الصحية، وجعل المعالجة تحت متناول كل يد من ايدي الشعب، وايدي الفقراء منهم على الاخص فقد انشأ مؤسسة باسم (العيادة الشعبية) وهي مؤسسة تسهل للمشاركين بها التطبب والعلاج بما يشبه المجان، وذلك بان يدفع المشارك 150 فلسا في كل شهر مقابل فحوص، ومعالجة مجانية، لنفسه ولمن يتعلق به من اهل بيته من زوجة واولاد!! واذا اقتضت احالة المريض الى المتخصصين من الاطباء فان هؤلاء المتخصصين لن يتقاضوا من هذا المريض الا نصف ما يتقاضونه عادة من المرضى الاخرين، ما دام هذا المريض مشاركا في العيادة الشعبية، وهكذا كان حال الفحوص في تحليل الدم وسائر الكشوف الاخرى.واقبل الناس على العيادة الشعبية حتى ضاق الدكتور اسماعيل ناجي بهذا الاقبال، وحتى لقد فكر ان يستقيل من الوظيفة، وينصرف بكله صبحا، ومساء، الى ادارة شؤون (العيادة) وفتح فروع لها في اغلب محلات بغداد، ولكن بعض الاصدقاء نصحوه بأن يؤجل استقالته الى ان تبلغ شهرته المدى الذي يضمن له النجاح، لاسيما وهو لم يزل شابا لم يبلغ بعد منزلة الطبيب الاختصاصي الشهير، الذي يستطيع الاعتماد على شهرته وقوفا لو كتب لمشروعه الاخفاق، ولكن العيادة الشعبية بدأت تشغل من بال الكثير من ابناء الشعب مكانة طيبة، حتى حملت اذاعة بغداد غير مرة ان تدخل (العيادة) وتجري مقابلة مع الدكتور اسماعيل ناجي عن هدفها وطبيعتها فتذيع ذلك على الناس.ولقد احتفظت انا باحدى هذه المقابلات التي اذيعت في اواخر سنة 1953 من اذاعة بغداد وفيها الكفاية لتصوير فكرة اسماعيل ناجي وهدفه من هذه المؤسسة لو اردت ان اورد هنا خلاصتها.يقول المذيع:العقل السليم في الجسم السليم،، حكمة خالدة اخذت بها سائر دول العالم، فاعطت الناحية الصحية عناية خاصة بها، واهتماما زائدا لخلق جيل قوي في بنيته، سليم في تفكيره، وفي العراق تعمل الحكومات باستمرار لرفع المستوى الصحي للشعب، فاسست المستوصفات والمستشفيات في انحاء القطر، وفتحت المعاهد الطبية والصحية لتخريج الاطباء، والصيادلة، والموظفين الصحيين وغيرهم، وبالاضافة الى هذه الجهود العظيمة التي تبذلها الحكومات للعناية بصحة المواطنين فقد قامت جهود اهلية، وفردية، دفعها شعورها النبيل للمساهمة في بناء كيان الوطن الصحي فكونت المشاريع الانسانية لخدمة المجتمع، نذكر منها جمعية حماية الاطفال وجمعية مكافحة السل في العراق (والعيادة الشعبية) وبعض المستشفيات الاهلية، ونقدم لكم اليوم سيداتي سادتي كحلقة اولى في برنامج: هذه مؤسستنا مشروع (العيادة الشعبية) والمكرفون يدخل مركزة العيادة الرئيسي ببغداد في زيارة قصيرة، وها هوذا الدكتور اسماعيل ناجي مدير المشروع يستقبلنا بكل ترحاب مع بقية الاخوان وهناك بعض المرضى وقفوا ينتظرون دورهم للفحص والمعالجة.وهنا يوجه المذيع السؤال التالي للدكتور اسماعيل..-ان الكل يعرف مدى الجهود التي بذلتها لاخراج هذا المشروع النبيل الى حيز الوجود، فهل تتفضل فتحدث المستعمين عن كيفية تكوين المشروع؟ والدوافع التي دفعتك الى ذلك؟.فيجيب الدكتور اسماعيل ويقول: انتم تعلمون ان كل شيء في حياتنا الاجتماعية يوحي الى الملاحظ ان يفكر، ثم يخرج فكرته بعد ذلك الى حيز الوجود على قدر استطاعته، ولقد كانت (العيادة الشعبية) فكرة راودتني بوحي من هذه العلل الاجتماعية، وانها لكثيرة في مجتمعنا تطاردنا مصبحين، ممسين، في كل جانب من جوانبنا، ولقد فكرت مليا في هذا الجانب، جانب الحاجة الى تعميم المعالجة، وتيسيرها للفقراء، وكان من السهل ان اجد من يعاونني لاخراجها، فشرعت انا وتلك الزمرة من الزملاء الاطباء الى اخراج هذه الفكرة بعد ان اختمرت في ذهني، ولقد كان يحز في نفسي ويؤلمني ان ارى الامراض تفتك بالطبقة المتوس

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

د. عبدالخالق حسين لو لم يتم اغتيال ثورة 14 تموز في الانقلاب الدموي يوم 8 شباط 1963، ولو سمح لها بمواصلة مسيرتها في تنفيذ برنامجها الإصلاحي في التنمية البشرية والاقتصادية، والسياسية والثقافية والعدالة الاجتماعية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram