صادق الازدي (متسدران) وثالث يضع الطربوش على رأسه التقطت لهم هذه الصورة التذكارية من قبل مصور فوتوغرافي نرجح انه المصور الاهلي فهو من اقدم المصورين في بغداد وكان محله في شارع الامين المؤدي الى الجسر القديم مقابل مبنى المتحفة العراقية التي هي اليوم من دوائر امانة بغداد ويعرف الجسر اليوم بعد ان صار حديديا باسم جسر الشهداء..
ويمكننا ملاحظة فخامة الديكور حيث كان المصور يلتقط صوره ولا عجب فان المصورين في السابق لم يكونوا قد عرفوا بعد طريقة خذ صورتك بعد 6 دقائق فحتى مصور الشارع كان انجازه الصورة يتطلب منه حوالي نصف الساعة ولاعجب فنحن في عصر السرعة!!من هم؟!ويتساءل القارئ: من هم الذين ظهروا في الصورة وجوابنا هو: انهم ثلاثة من الاطباء العراقيين الذين عملوا خلال الحرب العالمية الاولى في الجيش العثماني ولما قام الحكم الملكي في العراق بعد انتهاء تلك الحرب التحقوا بالحكومة العراقية وكانوا من اطباء بغداد القلة في ذلك الجيدور من المرض الذي كان يسبح فيه شعبنا.. وبعد ان اكملوا مسيرتهم فارقوا الحياة ككل حي، وراحوا في رحلة اللاعودة!انهم اطباء (من اليمين) جلال العزاوي وفائق شاكر واسماعيل الصفار.. وقد عرفتهم ثلاثتهم ولكن صلتي الحقيقية كانت مع المرحوم الدكتور فائق شاكر.نظرة الطير!وقد صرت اعرفهم باسمائهم ووجوههم بعد ان صار ثلاثتهم يجلسون في (بالقون) عيادة الدكتور الصفار في الحيدرخانة ومعهم غيرهم في بعض الاحيان وكنت كصبي يسترعي انتباهي الذين يجلسون في شرفات المباني، وكانت الشرفات قليلة جدا ثم استرعى انتباهي ان جريدة (حبزبوز) الاسبوعية الفكهة صارت تنشر في اعدادها وتحت عنوان نظرة الطير ما جعلني اسأل عن تلك الشرفة التي يكتب عنها فعرفتها وعرفت اصحابها فهم بالاضافة الى كونهم من الاطباء فهم من ظرفاء الناس ومن العاملين كأعضاء في الجمعيات الخيرية التي كانت قائمة يومذاك..اياغ ايش!وكان نوري ثابت رحمه الله في بابه نظرة الطير يبدأ قائلا هذولة اياغ ايش؟ يزعم ان الجالسين في الشرفة هم الذين يتساءلون ثم يجيب احدهم ويحدثهم عن ما سألوا عنه او من ذلك مثلا ما نشره في عدديه 43، 45 الصادرين في تشرين الاول والثاني من سنة 1932 قالت الجريدة:هذولة اياغيش؟نسوان ثلاثة وهذه بنتهم مريضة لاجوا من الصبح للمغرب لكن الدكاترة يريدون فلوس زايد وهمه فقراء راجعات مكسورات خاطر ولوما هذي المريضة كان رجعن مشي! وهذولة اياغيش؟زوج سيبندية سكاره متفاشخين ودماؤهم خاره على هدومهم وهذا الشرطي ماخذهم كوده بند للعباخانة!وهذولة اياغيش؟هذا هياته مبين! مستشار انكليزي وهذا الكلب ابصفه!.. بس يابه وين صار دخولنا بعصبة الامم؟ اشوف هالشكول بعدهم ما انقرضوا؟وكان هذا الباب يتكرر في كل عدد من جريدة حبزبوز وهو يعني ان الحديث كان يدور في شرفة الدكتور اسماعيل الصفار! طبيبا عيون!وكان جلال العزاوي وفائق شاكر من المتخصصين بمعالجة امراض العيون اما اسماعيل الصفار فهو من اطباء الاجسام وكان الثلاثة من الظرفاء بدرجات مختلفة واكثرهم ظرفا هم فائق شاكر شقيق المجبر الفني جلال شاكر.نكتة لفائق شاكر!وكان فائق شاكر كظريف معروف لايترك مناسبة الا ويسخر حتى من نفسه ومن ذلك انه روى فقال:حضرت احد المؤتمرات الطبية في اوربا وكان بين الاطباء الذين تكلموا في احدى جلساته احد اطباء الامراض العصبية الذي قال في محاضرته ان بعض المرضى يزعمون انهم من العاملين في الحقل الفلاني وبعد قليل يقولون انهم يعملون في حقل آخر.. وهكذا هم طوال النهار وبعد انتهاء المحاضرة ذهبنا لتناول طعام الغداء فجلست على مائدة واحدة مع احدى الطبيبات المشاركات في ذلك المؤتمر فسألتني ما الذي اعمله في بلدي؟ فقلت لها انا اعمل في الدائرة الفلانية وقبلها كنت كذا وقد جئت الى المؤتمر ويقال انني سانقل الى العمل الفلاني وكنت اذكر لها ما فعلته في دائرة غير طبية واحتمال نقلي الى دائرة لاعلاقة لها بالطب فلاحظت انها قد اعتراها الخوف وراحت تنظر الى وجهي والرعب يملأ نظراتها وعندما ادركت ما خطر على بالها فطمأنتها حتى اطمأنت!جريدة الاتحاد اذار 1985
هذه الصورة تذكرني: 3 أطباء.. 3 ظرفاء في المجتمع البغدادي!
نشر في: 11 أكتوبر, 2009: 05:06 م