* طبيب بارع اصبح مرجعا في المصطلحات الطبيةكوركيس عواد وميخائيل عوادمضى على رحيل الاستاذ العلامة الدكتور داود الجلبي اثنان وعشرون عاما فقد توفي في الموصل يوم 29 ايار سنة 1960 ومازال الرجل يذكر على السنة الباحثين واقلامهم، بصفة كونه واحدا من اشهر المؤلفين العراقيين.
هو داود بن محمد سليم بن احمد بن محمد الموصلي، ولد في مدينة الموصل سنة 1879م، من اسرة تعاطى غير واحد من ابنائها صناعة الطب وصار طبيبا في الموصل واشغل مديرية الشؤون الطبية في وزارة الدفاع العراقية كما تقلد مناصب اخرى في الدولة.والى تمكنه من العربية، كان يحسن لغات اخرى كالفرنسية والانكليزية والسريانية والتركية والفارسية، وله اهتمام بالمخطوطات، ووقوف على مصنفات الطب العربي القديم، وكان يعد مرجعا في المصطلحات الطبية.انتخب عضوا في المجمع العلمي العراقي ببغداد، والمجمع العلمي العربي بدمشق، ومجمع اللغة العربية في القاهرة.مكتبة الجلبيعرف الدكتور داود الجلبي بالصراحة، لاتأخذه في قول الحق لومة لائم، وكان دقيقا فيما كتب، اتسمت مؤلفاته بالتحري عن الحقيقة والتثبت مما يقول.احرز مكتبة نفيسة بالعربية وبغيرها من اللغات، وفيها المطبوع والمخطوط، وبعد وفاته وقفها ذووه على مكتبة الاوقاف العامة بالموصل. فضمت اليها في جناح خاص بها، يعرف هناك بـ"مكتبة الدكتور داود الجلبي".الف كتبا ورسائل مختلفة ونشر مقالات كثيرة في عدد من مجلات العالم العربي، ولاسيما في مجلة "لغة العرب" وسومر ومجلة المجمع العلمي العراقي ومجلة "المقتطف" والنجم ومجلة غرفة تجارة بغداد والجزرة.وفي وسعنا القول، ان الدكتور داواد الجلبي كان في طليعة المعنيين العراقيين بدراسة المخطوطات، بل هو ثالث ثلاثة يعدون الرعيل الاول في علم الفهرسة.اولهم: السيد نعمان خير الدين الالوسي، المتوفى سنة 1899، فقد صنف كتابا عنوانه فهرست مكاتب بغداد الموقوفة ومازال مخطوطا.وثانيهم: المطران ادي شير، المتوفى سنة 1915 فقد نشر بالفرنسية ستة فهارس لمجاميع المخطوطات العربية والسريانية في كل من سعرد، ماردين، ديار بكر، دار البطرير الكلدانية في الموصل، دير السيدة، مكتبة متحف بورجيا.وثالثهم: الدكتور داود الجلبي، فقد وضع فهرسا حافلا بما وقف عليه من مخطوطات في مدينة الموصل، في مساجدها ومدارسها الدينية، ولدى الاسر والافراد وقد نشر هذا الكتاب في بغداد سنة 1927 بعنوان مخطوطات الموصل، كان لصدور هذا الكتاب وقع عظيم لدى الباحثين من عرب وشرقيين واحرز صاحبه به شهرة بعيدة بين المهتمين بشؤون المخطوطات.اقدم الدكتور داود الجلبي على مخطوطات الموصل في تأليف هذا الكتاب في ظروف صعبة، وقامت في وجهه عقبات وعراقيل شتى ذلك ان الكثير من تلك المخطوطات كان مختزنا يوم ذاك في اماكن غير صالحة لخزن المخطوطات، فكانت تفتقر الى الجو الصالح للحفاظ عليها، حتى كان يعلوها الغبار، اما النور فضعيف، اذ لم تكن تلك الاماكن يومئذ قد دخلتها الكهرباء، فضلا عن ان بعضها كان قد عهد به الى من لا يحسن امرها.ولندع الدكتور داود الجلبي يحدثنا عما عاناه من مصاعب ومشاق في اثناء تأليف فهرسة هذا قال:ولقد عانيت صعوبات جمة ولاقيت موانع شتى في التحري والاطلاع على كتب المدارس من بعض الموكلين على حفظها، على انها انما اوقفت للانتفاع بها، وقد كدت غير مرة ان اكف عن العمل وقع الامل لولا اني تدرعت بالصبر الجميل والثبات ووجدت في التطبيب عونا لي في كثير من المواقف.اما الحالة التي وجدت عليها المكتبات فكانت موجبة للحزن في الغالب فقد كان عدد من الغرف المخصصة لحفظ الكتب في مختلف المدارس رطبا ومظلما ووجدت الكتب قد كساها الغبار وفي احدى المدارس كان على الكتب طبقة سميكة من التراب وصغار الحجارة واما بيوت العناكب واثار الفأر والارضة فانها تكاد تكون عامة فيها وكنت اعتدت ان اخذ معي فرجونا ازيل به الغبار عن ثيابي عند خروجي من المكتبات.وذكر في موطن آخر:حين ان عيون حافظي الكتب في المدارس ترمقني بلحاظ تدل على السآمة، ولسان حالهم يقول (رحم الله من زال)..مؤلفاته (الكتب والمقالات):امضى الدكتور داود الجلبي، نيفا وخمسين عاما من حياته 1908- 1960 في البحث والتأليف فصنف كتبا ورسائل مختلفة طبع جانب منها ومازال الباقي مخطوطا لم يتهيأ له نشره في اثناء حياته، ولعله يرى النور في يوم من الايام.مجلة المجمع العلمي العراقي 1982
العلامة العراقي الدكتور داود الجلبي
نشر في: 11 أكتوبر, 2009: 05:18 م