TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن: سنان الشبيبي.. خط أحمر

العمود الثامن: سنان الشبيبي.. خط أحمر

نشر في: 8 إبريل, 2012: 10:55 م

 علي حسينتسمع الناس كلام رئيس الوزراء عن ضرورة الاحتكام للدستور فتصدقه، وترى أفعاله على الأرض فتضرب كفاً بكف، فالسيد المالكي في كل خطواته وقراراته السياسية يحاول أن يستفيد من نظرية المرحوم ميكافيللي الذي يرى أن الحاكم خارج المجموعة التي يتألف منها المجتمع، تضعه فوق الجميع وخارج القوانين التي يدين بها المجتمع،
ولأجل تطبيق هذه النظرية على ارض الواقع فقد قرر أن يمنع البنك المركزي العراقي من اتخاذ أي سياسة نقدية دون الرجوع إلى مكتب رئيس الوزراء حيث يعتقد أن مستشاريه في مجال الاقتصاد والمال هم أكثر شأنا وأعلى قامة من محافظ البنك المركزي الدكتور سنان الشبيبي. ورغم غرابة النظرية، فسنجد هناك من يصدقها ويقع في حبائلها، وهم طبعا لفيف من المبشرين بالنعم والامتيازات يطلق عليهم لقب "مقرب من رئيس الوزراء"، هكذا وبلمحة بصر يريد منا السيد المالكي أن ننسى انه قبل أيام كان يحمل سيف الدستور في مواجهة الآخرين، فيما اليوم يسعى لأن يضع الدستور في احد ادراج مكتبه ويغلق عليه بالمفتاح لان الأمر يتعلق بالهيئات المستقلة، والتي يصر المالكي على إنها جزء من مكتبه الوظيفي، ضاربا عرض الحائط بالدستور الذي وضع فيه المشرعون فصلا خاصا عن هذه الهيئات، وهي كل من: المفوضية العليا لحقوق الإنسان، المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وهيئة النزاهة. البنك المركزي، ديوان الرقابة المالية، هيئة الإعلام والاتصالات، ودواوين الأوقاف، فيما اعتبرت إحدى مواد الدستور البنك المركزي مسؤولا أمام مجلس النواب فقط. القرار الجديد لمجلس الوزراء يريد منا جميعا ألاّ نأمل بإصلاحات ديمقراطية ولا قوانين تصب في مصلحة الناس طالما ان البعض مصر على أن نبقى نعيش زمن القبضة الحديدية، ولهذا فنحن مجبرون على متابعة حلقات معادة ومكررة من مسلسل ساذج اسمه "من أحق بالصلاحيات"، وهي رسالة واضحة تقول لا شيء يخرج عن سلطة رئيس الوزراء. لو أن السيطرة على كل الهيئات المستقلة هي هدف مكتب السيد المالكي، فلنتوقف عن المسرحية التي نشاهدها الآن ونطلب من الأخوة المقربين من رئيس الوزراء أن يريحونا من كل هذه "الفوضى" ويقرروا شكل الحكم الذي يريدونه على مقاسهم الخاص وداخل أحزابهم، ثم نتبنّاه نحن المواطنين المغلوبين على أمرنا .للأسف لو حصل الأمر في بلد غير العراق ومع ساسة غير ساستنا الأشاوس المأزومين دوما والمصابين بمرض الخوف من كل الكفاءات، لو حصل ذلك فلا اعتقد أن حزبا او شخصا أياً كانت مكانته السياسية يمكن أن يخوض معركة ضد رجل مثل سنان الشبيبي.. لان المطلوب هنا هو أن يجتمع الجميع، الخصوم والمعارضة وحتى الطامعين في الحكم على أمر واحد لا لبس فيه وهو أن التعرّض لأمثال سنان الشبيبي خط احمر لا يمكن تجاوزه، ويشكل خسارة وطنية لا تغتفر، لكن للأسف فنحن نعيش عصر سياسي الصدفة، أصحاب المواقف المتلوّنة والملتوية. القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء بحق البنك المركزي يؤكد بالدليل القاطع إننا نعود وبقوة الى أجواء ما قبل 2003، حيث يعاود مؤشر التفرد بالسلطة إلى الارتفاع، من خلال إغراق الناس في خطب متحذلقة، فاقدة للمعنى والثقة، خطب وقرارات تجعل المواطن يشعر بالأسى وهو يرى إصرار مسؤولي الدولة الكبار على إفراغ البلد من أصحاب الكفاءات والخبرة، وحيث يجد الشبيبي وأمثاله أنهم في مواجهة سياسيين يكرهون أوطانهم.. في الدول التي تحترم إرادة مواطنيها نجد مؤسسات الدولة تكرم علماءها ومبدعيها من خلال الحفاظ عليهم باعتبارهم عملاتٍ نادرة الوجود فيما نمارس نحن سياسة الجدل السياسي الفارغ الذي يفسح المجال للمحسوبية والمزاجية في الإدارة والتي تهدم أكثر ممّا تبني.وبعيدا عن أي قرار تتخذه الحكومة، فأن عالما مثل سنان الشبييي سيبقى شامخ القامة رافع الرأس، عالي الضمير.. وستذكر له الأجيال القادمة انه ظل في أصعب الأوقات رجلا بلا صفقات ولا مؤامرات، ثابت الموقف، نقي الضمير.. والاهم هو إصراره على أن يبقى مواطنا يحمل لونا واحدا، هو لون الكفاءة والنزاهة والوطنية الصادقة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram