اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > الحراك السياسي على طريقة قفزات موزونة على البقع

الحراك السياسي على طريقة قفزات موزونة على البقع

نشر في: 9 إبريل, 2012: 08:35 م

د.نعمة العباديمدير المركز العراقي للبحوث والدراساتلم يكن يتسنى لنا أن نعود إلى موضع قفزتنا بالضبط ، عندما كنا نمارس تمرين (قفزات موزونة على البقع) ،في ساحة مدرستنا التي لا تحتوي على أي ذرة تراب، فعندما حصلت الموافقة على انشاء مدرسة في قريتنا (عبادة البو عبد علي) ،
الواقعة على حافة هور الحمار ،اجتمع أهلنا في حملة كبيرة لجمع البردي والقصب من أجل ردم واحة كبيرة من الماء يتراوح عمق الماء فيها أكثر من متر ونصف المتر ، وأصبحت مدرسة واقعا، اسمها القعقاع ،ولكن ساحتها التي تساعد  في التزحلق على برديها اليابس ،لم تسمح باستقرار الأقدام في موضعها عند القفز في الهواء ، مثل أرض الحراك السياسي العراقي بعد نيسان 2003، والتي تجر بأقدام المتحركين لتعيدها إلى نفس بقعتها.لم يكن ما حصل في نيسان ،تغيرا لنظام ، بل هو إعادة لبناء دولة محطمة خلال قرون من الزمن ،جراء تعاقب الحكومات الدكتاتورية التي أرهقت البلاد وأهلكت العباد ،وصولا إلى النقطة الحرجة في 8 نيسان حيث سقطت الدولة كاملة ،ولم يبق إلا معالم وأخيلة ، ومجتمع مأزوم محملا بالآهات ومثقلا  بالاستحقاقات.رغم أن هذا الوضع المعقد يعطي عذرا لتباطؤ حركة البناء والإعمار وإعادة تأهيل الدولة من جديد ،إذا ما أضيف له صعوبة الوضع الأمني، الذي رافق السنوات التسعة المنصرمة ،إلا أنه لا يبرر أنموذج الحراك السياسي الذي ينطلق في الهواء سنتمترات قليلة ،ثم يعود القهقرى إلى بقعته ، بل أحيانا إلى بقعة أعمق من منطقة الانطلاق.العلاقة بين الإقليم والمركز ،لم يصفُ ودها لتكون متسقة وإيجابية لحجم الملفات والمشاكل التي تكتنف هذه العلاقة ،إلا أنها من المفروض، أن تمضي باطراد باتجاه الحلول التدريجية ،الذي يعني بعبارة أخرى تحسن العلاقة وتطور لغة الخطاب ، لكننا نفاجأ بين الحين والآخر ، أن هذه المسيرة هي مجرد قفزات موزونة على البقع ، حيث نعود إلى نقطة البداية.في ظروف كان المؤمل فيها ، أن تتناقص الفجوات ، وتتزايد فرص التقارب ،وتعم روح الوئام ، نصطدم بواقع خلاف ذلك ، يبدأ من الاتهامات المتبادلة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم ليصل الى التناقضات في المواقف بين الطرفين.يعلل الكرد هذا الوضع بعدم التزام الحكومة المركزية بمواثيقها وعهودها ، وأنها لا تقوم بتطبيق الدستور على الشكل الصحيح ، ولا توصل للكرد استحقاقاتهم المشروعة،وتحاول التفرد بسلطة القرار ،وتلكأت أو سوفت مشروع  قانون النفط والغاز،وتعارض الإقليم في حقه من الانتفاع بالاستثمار بالقطاع النفطي.يواجه المركز هذه المقولات ،بالرفض التام ، ويرى أن الكرد يريدون أن يتم احتسابهم جزءاً أصيلاً من العراق في مقام الحقوق ، ويتصرفون كاتحاد كونفدرالي ، أو دولة أخرى في مجال الواجبات ، وأنهم لا يحترمون الصلاحيات الاتحادية ، ولا يصفو ودهم ، فيتقلبون بحسب مصالحهم بشكل لا يمكن القبض على صورة واضحة لولائهم.حراك القوى السياسية يقطع أشواطا في الاتساق لتسوية المشاكل، والاتفاق للوصول إلى حلول وتسويات ، بحيث يفرح الشارع وهو يتلقى الأخبار الإيجابية ، وينتظر الخطوة القادمة بحيث تكمل المسار الإيجابي ،لكنه يفاجأ بين الحين والآخر ، أننا عدنا إلى نقطة الصفر ، وكان الحراك مجرد قفزة قصيرة في الهواء لتعود الأقدام إلى حيث منطلقها.دائما أكرر هذه العبارة ، أنا لا أقلق من طول مدة انتظار القطار شريطة أن أكون مطمئنا ، أنه يسير على السكة الصحيحة ،إلا أن الحقيقة تكشف في كل مرة ، أن قطارنا سار على غير هدى ، ثم عاد من جديد إلى نقطة الصفر.حكومتنا مؤسسة على نظام الشراكة ، وبرلماننا مشرع الأبواب ، وميكرفوناته تعين الأخرس على إيصال همهمته ، وصحفنا وقنواتنا الفضائية لا حدود لها ولا قيود عليها ، وهي بأعداد تفوق حاجتنا إلى الإعلام ،ومنتدياتنا مفتوحة ،ومع ذلك يحتج الكثير بأنهم غير قادرين على إسماع رأيهم وصوتهم وفكرتهم ، ويعانون التهميش. ، لذلك لا يجدون أنفسهم شركاء حقيقيين في العملية السياسية.يشتكي رئيس الوزراء كثيرا من عدم إنصاف الآخرين له حول طريقة تعامله مع القوى السياسية وفئات الشعب العراقي كافة، ويقابلون جديته، وإخلاصه ووطنيته، وتعاطيه الموضوعي مع القضايا، بالاتهام والتشكيك، ويقفون بالضد من حركته الرامية لبناء الدولة وحفظ الأمن.احتفل العراقيون بيوم السيادة الوطنية بخروج آخر جندي أمريكي من العراق ، وعلى أساس ذلك ،أعلن أن العلاقة مع الولايات المتحدة ستكون علاقة دولة لدولة من خلال السفارات ووزارة الخارجية ، ورافق ذلك تصاعد الرغبة النخبوية وعموم الشعب لإنهاء أي تبعية خارجية أو استقواء بالخارج، أو السماح بالتدخل في الشؤون الداخلية ، لكننا نعود إلى نقطة الانطلاق ،على أثر مواقف رئيس الوزراء التركي ، ومسؤول من الحرس الإيراني ، وأخيرا تصريحات وزير الخارجية القطري ، وحتى زيارة الرئيس بارزاني إلى الولايات المتحدة.السؤال الذي يتلجلج في صدور العراقيين ،متى يطلق الحراك السياسي في العراق لعبة القفز على البقع ،ويستبدلها بلعبة البريد ، التي كنا نتوق للعبها في مدرستنا ، ولكن الساحة ضيقة لا تتسع للانطلاق بقوة ، فكنا ننطلق ونضرب بصرايف القصب التي هي صفوفنا الدراسية.لا نريد لحراك

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram