د. سالم الدملوجيمجدت فيك مشاعرا ومواهباوقضيت فرضا للنوابغ واجبابالمبدعين "الخالقين" تنوّرتشتى عوالم كنّ قبل خرائبا
شرفا "عميد الدار" عليا رتبةبوّئتها في الخالدين مراتباالشاعر هو محمد مهدي الجواهري، والزمان مساء يوم صيفي في حزيران 1949 والمكان حدائق مسبح الامانة في الكرادة الشرقية ببغداد والمناسبة كانت الحفل التكريمي الذي اقامته الجمعية الطبية العراقية لرئيسها وعميد كلية الطب الاستاذ الدكتور هاشم الوتري الذي انتخب زميلا شرف في كلية الاطباء الملكية في لندن، تكريما لشخصه وللكلية التي يمثلها، والحاضرون كانوا مجموعة كبيرة من الاطباء والاساتذة والمثقفين ورفاق المحتفى به، قوبلت المقدمة بتصفيق الحاضرين، اذ اشاد الشاعر بعلم المحتفى به ورعايته للمرضى ومواقفه الوطنية حتى اذا طفحت عوالجه وقال:أُنبيك عن شر الطغام نكايةبالمؤثرين ضميرهم والواجبالقد ابتلوا بي صاعقا متلهباوقد ابتليت بهم جهاما كاذباحشدوا علّي المغريات مسيلةصغرا لعاب الارذلين رغائباهناك وجم الحاضرون وتوقف التصفيق واخذ الجواهري يستعيد ابياته دون ان يطلب منه ذلك كما جرت العادة، وتلفتنا نحن الحاضرون يمنة ويسرة لنرى ان كان هناك مخبرون ينقلون ما يقال الى الجهات الامنية في وقت كان الجو السياسي في البلد مكهربا بعد وثبة كانون، وتابع الجواهري:اعرفت مملكة يباح "شهيدها".للخائنين الخادمين اجانبامستأجرين يخربون ديارهمويكافؤون يعلى الخراب رواتبامتنمرين ينصبون صدورهممثل السباع ضراوة وتكالباويتعالى صوته ويعيدانا حتفهم الج البيوت عليهماغري الوليد بشتمهم والحاجباوتلفتنا الى استاذنا فاذا هو مصعوق بهذا القول ولم يكن يدري عن القصيدة قبل القائها سوى ان مضمونها سوف يكون تهنئة وثناء، فالقى اللوم على سكرتير الجمعية الدكتور اسماعيل ناجي وهو الذي دعا الشاعر لالقاء قصيدة بهذه المناسبة.وما ان انتهى الجواهري من الالقاء وهو في حال شديد من الحماس والغضب والانفعال حتى دعك الورقة التي كتبت عليها القصيدة ورماها جانبا تاركا المنصة متوجها الى خارج الحفل مباشرة دون ان ينتظر نهايته.وفي اليوم التالي ابرز زميلنا الدكتور خليل جميل النجفي الاوراق المجعدة والقصيدة ذاتها وكان قد التقطها من الارض حين رماها الشاعر وقرأها علينا ثانية المرحوم الدكتور خليل كان يساري الميول وقد عين طبيبا مقيما في الوحدة الباطنية الثالثة بالمستشفى الملكي)..عميد الدار هو الاستاذ الدكتور هاشم الوتري الذي ولد في بغداد في اسرة علوية النسب عرفت بتفرغها لعلوم الدين، وقد ظل حريصا على الاحتفاظ بلقب (سيد) على رقعة العيادة وعلى اوراقها، وكان لمراجعيه شعور بالراحة لهذا اللقب الشريف.درس الطب في استانبول وتخرج منها عام 1918 ثم عاد الى العراق والتحق بالمؤسسة الصحية وبينما انصرف معظم رفاقه من خريجي المدرسة العثمانية، في اوائل تشكيل الحكومة العراقية، الاداري اثر هو العمل السريري فانضم الى كادر اطباء المستشفى الملكي الجديد عام 1925 مسؤولا عن جناح الامراض الباطنية، وقد عمل مع زملائه الاطباء العراقيين والبريطانيين لاعداد المستشفى ليكون تعليما ملحقا بالكلية الطبية المزمع انشاؤها، فاوفد الى بريطانيا للتخصص بالطب الباطني العام ولما عاد في عام 1932 عين استاذا للطب الباطني السريري وانتخب عضوا في الهيئات الادارية للجمعية الطبية العراقية التي تأسست على انقاض الجمعية الطبية البغدادية..وقد اوكل اليه منصب عميد كلية الطب عام 1937 فكان ثالث عميد عراقي يشغل المنصب بعد الاستاذ حنا خياط والدكتور احمد قدري، وهو الذي انشأ مجلة الكلية الطبية الملكية العراقية "لفائدة الطلبة المتخرجين" يساعده في تحريرها معاون العميد الدكتور معمر خالد الشابندر، والتي حوت اعدادها مقالات في الطب السريري وما استجد في الطب مع اخبار العائلة الطبية، كما انه انتخب رئيسا للجمعية الطبية العراقية عام 1938 ومن بعدها لسنين طويلة بدون انقطاع تقريبا بين الاعوام 1943- و 1954..كان الاستاذ الوتري متوسط الطول كبير الرأس واسع العينين يرتدي قبعة افرنجية سوداء شتاء واخرى بيضاء اللون صيفا ويمشي بخطوات بطيئة واقدام متباعدة، وكان يكره المشي ويفضل الانتقال بالسيارة بين المستشفى وبناية الكلية لطبية، وكان ان تكلم، فهو قليل الكلام، فبدون ان يحرك شفتيه فتخرج الكلمات من بين اسنانه بطيئة وثقيلة.القى الاستاذ الوتري علينا، ونحن طلبة في الصف السادي، محاضرات في الامراض العصبية وكان يدخل الى قاعة الدرس رقم (2) مرتديا الروب الجامعي الاسود، وفي محاضرته الاولى قال لنا ان الامراض العصبية موضوع غامض صعب ومعقد لايمكن الالمام به في سنة تدريسية واحدة ونصحنا ان نقرأ المادة في كتاب الامراض العصبية المفضل لديه لمؤلفه الاستاذ (والش) وتطبيق ما نتعلم عند مشاهدة وفحص المرضى الراقدين في الردهات الباطنية، اما الاستاذ نفسه فانه سوف يلقي المحاضرات بالتسلسل على الدورات المتلاحقة بحيث يكملها على مدى ست سنوات، وهكذا اقتصر تدريسه تلك الس
شيخ اطباء العراق..الدكتور هاشم الوتري (1893- 1961)
نشر في: 11 أكتوبر, 2009: 05:23 م