رفعة عبدالرزاق محمداذا ذكر تاريخ الطب في العراق برز اسم الدكتور صائب شوكة في طليعة اعلام هذا التاريخ الحافل بكل معاني الوطنية والانسانية والنضال لزرع الثقة بنفوس الناس في هذا البلد بشتى صنوف الاوبئة على مر العصور، ومن هنا فان التذكر بذلك الرعيل من الشخصيات العراقية ليس من الواجبات الاجتماعية، والبحثية فحسب، بل من الضرورات التي تنسجم مع البناء الوطني، الذي يقوم على اسس قويمة، ولعل رواد اليقظة الفكرية كان لهم القدح المعلى في هذه الاسس.
والدكتور صائب شوكة (1896- 1984) من هؤلاء الرجال البناة الذين لم يكتفوا بما قدموه لمواطنيهم من خدمات جليلة، بل اردف ذلك بكتابة تجربته لتكون في متناول الاجيال التالية ينهلون من ذكرياتهم العبر والدلالات..وهو صائب بن محمد شوكة باشا بن رفعة بك بن الحاج احمد اغا ينجري اغاسي مدير الشرطة في عهد المماليك ببغداد وعرف بحزمه وقوته واصبح مضربا للامثال! وشوكة عاش في كنف ابيه رفعة بك (ت 1899) الذي عمل متصرفا في اكثر من مكان في الدولة العثمانية واصبح شوكة باشا عضوا في مجلس المبعوثان، وتزوج من فاطمة بنت راغب بك اكبر اولاد سليمان فائق ابن الحاج طالب كهية وبهذا تكون ابنة اخي حكمة سليمان رئيس الوزراء العراقي في الثلاثينيات من القرن الماضي.واسرة شوكة باشا من اصول تركية كما يبدو، غير ان ناجي شوكة ذكر ان اصوله عربية وايد هذا الرأي صلاح الدين الصباغ في مذكراته ومن اولاده، ناجي (ت 1980) رئيس الوزراء السياسي المعروف في العهد الملكي وسامي شوكة (ت 1986) السياسي والوزير السابق، وصائب الطبيب الشهير، ورفعة وبنت زوجة السيد منير عباس.ولد صائب شوكة في بغداد سنة 1896 وتخرج في مدارسها الاولى، ثم انتقل الى اسطنبول ودرس الطب في معاهدها الطبية، ويقول ان والده اراد ان يدخله كلية الهندسة، غير ان قيام الحرب العالمية الاولى ودخول الدولة العثمانية الحرب ادى الى غلق الكيات ماعدا الكلية الطبية، فدخل صائب المعترك الطبي، وانهى الكلية الطبية متفوقا سنة 1918، فارسلته الى بغداد وعين جراحا في المستشفى العام (N.G.H) الذي انشأته القوات البريطانية لمنتسبيها وفي السنة التالية نقلت خدماته الى المستشفى الملكي (المجيدية) ليكون اول طبيب عراقي فيه.. ويذكر.. رحمه الله- ان اول عملية اجراها كانت عملية فتق ثم عملية اخراج حصاة من الكلية، وله عن تلك الفترة الرائدة من حياته ذكريات مع جانب كبير من الاهمية والطرافة.ويعد الدكتور صائب شوكة من مؤسسي الكلية الطبية العراقية،، وبوفاته سنة 1984 انطوت آخر صفحة للمشاركين في تأسيس هذه الكلية العتيدة التي اصبحت بعد سنوات قليلة من اشهر الكليات الطبية في العالم، وقد افتتحت الكية في العاشر من تشرين الاول 1927، وصار صائب استاذا للجراحة السريرية كما شغل منصب عمادتها ان مشكلة الحصول على الجثث وتشريحها كانت اولى المشاكل التي واجهها في التدريس فلم يجد احدا يقبل مساعدته في ذلك حتى استعان بشخص (الملا خضر) ومهنته غسل الموتى في المقبرة المجاورة لكنه جاء في اليوم التالي وقال لشوكة : انه رآى في الحلم من قال له ان تشريح الموتى حرام، لكنه استطاع اقناعه باقوال النبي (ص) حول طبابة الابدان فاقتنع واستمر في عمله في التشريح وتنقل عنه حكايات غريبة، ويوم تسلم ادارة المستشفى التعليمي بدأت الحركة الواسعة تدب لتطويره وتوسيعه، ومن ذلك التاريخ بدأ تفكيره يتجه الى بناء مدينة الطب وكانت له اليد الطولى في ذلك بعد سنوات.وفي سنة 1941 ابعد عن العراق الى استانبول لتأييده حكومة رشيد عالي الكيلاني ومشاركة اخويه في احداث مايس من تلك السنة، ومكث في تركيا اربع سنوات، ولعل سبب ابعاده الى رئاسة نادي المثنى منذ تأسيسه وحتى انتهاء حركة 1941، وعندما كان الوصي على العرش الامير عبدالاله ضيف الحكومة التركية على ظهر يخت في بحر مرمرة، انتهز زملاء الدكتور شوكة ومن ضمنهم الطبيب التركي الشهير (توفيق رمزي بك) وطلبوا من الوصي ان يسمح لشوكة العودة الى وطنه، فاستجاب عبدالاله بشرط ان يجيئه ويطلب منه العفو، فعاد الاصدقاء يحملون البشارة للدكتور شوكة، الا انه اجابهم بلا تردد، انا لم اناهض الوصي ولا اي واحد من العائلة المالكة، بل وقفت بوجه الانكليز، ولذلك فليس ثمة ما يستوجب الاعتذار منه، فلا اقابل الوصي واعتذر منه حتى لوبقيت في الغربة مابقي من عمري..ويذكر الدكتور صائب شوكة عن حادث مقتل الملك غازي ان الانكليز لهم صلة بمصرعه وقال: واذكر انه عند مقتل الملك اتصلوا بي واخبروني ان اذهب الى القصر الملكي فذهبت ووجدت طه الهاشمي ورستم حيدر وطلبا مني ان افحص الملك وهل سيعيش وضعت يدي على رأسه فدخلت يدي في الرأس، كان الملك قد ضرب بقضيب حديدي (هيم) على رأسه وافتعلوا بعد ذلك حادث اصطدام السيارة بعمود الكهرباء،، وبعد الفحص قلت للحاضرين ان الملك سيموت بعد اقل من نصف ساعة وفعلا مات بعد قليل، عقد مجلس طارئ لتقرير من يتولى الحكم، وكان المفروض ان يكون الوصي على العرش هو الامير زيد، ولكن لان زوجته تركية لم يوافقوا عليه فاصبح عبدالاله هو الوصي.ويذكر الدكتور كمال السامرائي في مذكراته ان الدكتور صائب شوكة اجرى عام 1933 عملية جراحية لاحد رؤساء عشيرة البو سلطان في الحلة وكان الاطباء يومئذ يتقاضون اجر اتعابهم من المرضى الذين يطلبون طبيبا معينا لمعالجتهم.. وكان ذلك الشيخ قد اهدى سابقا سيارة لزوجة الدكتور (ودمن) الذي استأصل منه ورما في يده وحين غ
الدكتور صائب شوكة ومذكراته الخطية الخطيرة
نشر في: 11 أكتوبر, 2009: 05:26 م