هاشم العقابيلم يخطر ببالي ان اخرج من قراءة مقال بهم ويأس ثقيلين على القلب، مثلما صرت فيه عندما انتهيت من قراءة ما كتبه الزميل عدنان حسين في عموده امس حول الغاء العطلة في يوم 9 نيسان. حمدت الله ان زميلي ليس شاعرا شعبيا والا لأبكانا على حالنا التي اوصلته واوصلتنا للعيش تحت ظل سلطة تتفنن بقتل الفرحة في قلوبنا حتى وان كانت حلما او مجرد ذكرى.
ان ما كتبه عدنان حسين كان مرثية لافراحنا التي صارت تذبح كل يوم، غصبا ورغما عنا. لقد ركز في عموده (المرثية) على التذكير باهمية احياء الايام التي يسقط بها الطغاة مذكرا بصدام وما قبله والذين اتوا بعده، وان كان لم يتوقف كثيرا عند الذرائع او الاعذار التي تحدث بها المتسببون في قتل ذكرى سقوط نظام صدام، فلأنه يعرف انها اعذار اقبح من الفعل نفسه. فان كان سقوط الطغاة عند شعوب الأرض عيدا، فانه عرس بالنسبة للعراقيين. ألم يسم العراقيون يوم موت الحجاج بـ "عرس العراق"؟ ولعمري ان سقوط صدام هو عرس اعراسهم. ان الغاء العطلة في يوم عرس سقوط الدكتاتورية بالعراق يأتي مكملا لمسلسل متقن الاعداد والاخراج لقتل احلام العراقين بعد قتل اجسادهم وازهاق ارواحهم. كنا في زمن صدام، نتملك حلما جميلا نترقبه كل ليلة. انه حلم سقوطه. فنحن الذين كنا في المنافي، مثلا، لم تجمعنا أحزاب ولا مذاهب ولا منظمات، مثلما جمعنا ذلك الحلم الجميل. وتحقق الحلم في 9 نيسان، حتى وان كان بطريقة لم نكن نتمناها. المهم انه تحقق. لكن سرعان ما سرق اللصوص والأميون ثمرات ذاك الحلم فتحول الى كابوس من نوع آخر. وها هي الحكومة بفعلتها الاخيرة لم تقتل فينا ذلك الحلم بل عمدت على اجتثاث ذكراه ايضا كي تمحوه من الذاكرة العراقية والى الابد. بعيدا عن الاسباب والاعذار الظاهرية التي ساقها البعض لاخفاء "جريمة" الغاء يوم العطلة، فاني ارى وراءها سببين. الاول ان الالغاء جاء ضمن سياق متصاعد لترسيخ فكرة الدكتاتورية واحترامها أيضا. لذا لم تكتف الحكومة بما اقدمت عليه من اجراءات تعسفية وتسلطية تشم منها رائحة الحنين للدكتاتورية عن بعد الف ميل، وحسب، بل عمدت ايضا الى اجتثاث الفرح بفكرة سقوط الدكتاتورية حتى وان كان مجرد عطلة رسمية. والثاني هو ان الحكومة صارت تستحي من ازدواجيتها في انها ترفض التدخل الاجنبي لاسقاط الدكتاتور بشار الاسد بينما اتت كلها من رأسها حتى قدميها بفعل التدخل العسكري الاجنبي الذي اسقط صدام الدكتاتور والبعثي ايضا. حياء مثل حياء الشمر حين طأطأ رأسه عندما رأته زينب وهو يذبح اخاها، فقال عنه ابو مخنف في مقتله: فاستحى الشمر وهو لا حياء له".فيا زميلي وصديقي عدنان، ان كنت قد سمعت بتلك "النادرة للناس خبكه البيتها" فها هي امامك بشحمها ولحمها تحكم وتتحكم برقاب العباد والبلاد.صبرا ايها الصديق الذي لم اجد عندي ما اواسيك به غير ان اقول لك متمثلا بقول الشاعر مجيد جاسم الخيون:"خلهم .. خلهم .. هيته وما مش رداد الهم".
سلاما ياعراق : اجتثاث الفرح
نشر في: 9 إبريل, 2012: 09:44 م