أ.د. قاسم حسين صالحرئيس الجمعية النفسية العراقيةلا يخفى أن المعضلة الكبرى التي تواجه العراق اليوم مشكلة الهوية، هوية الدولة والمجتمع، وبدا لكثيرين ـ ومنهم متنفذون في الحكم اليوم ـ أن الهوية الصغرى، الطائفية تحديداً، هي قدر العراقيين، ربما لأن هذه الهوية تتيح لهم رأسمالاً رمزياً ومادياً لا يمكنهم بلوغه دونها. مع ذلك لم يكفّ المثقف العراقيّ عن طرح سؤال الهوية. وهو مدعوّ اليوم للإسهام في بحث هذا الموضوع الحيويّ.
ولهذا آثر قسم الرأي في المدى أن يفتح ملف "الهويّة العراقية في مهبّ الهويات الصغرى". وستعقب نشر المقالات طاولة مستديرة سيتم الإعلان عن موعدها لاحقاً. في أدناه ننشر أولى الإسهامات التي وصلتنا.المحررrnثمة اشكاليتان تثاران:*هل صار العراقي يمتلك هوية واحدة أم هويات بعدد الجماعات التي ينتمي لها؟* وفي حالة تعدد هوياته وتداخلها ، لأية هوية يكون الدور الأكبر في تحديد أهدافه وتوجيه سلوكهولمناقشتهما ينبغي أن نفهم:* ماذا تعني الهوية:الشخصية؟ الوطنية؟ القومية؟ والاجتماعية؟ وما الهوية التي تتحكم بسلوك الفرد والجماعات في حالة وجود صراع بين المكونات الاجتماعية؟* وبعد ما حدث قبل التغيير وبعده في العراق،هل يمكن أن يتوحد ثلاثون مليون عراقي بهوية وطنية واحدة ويبقى كل واحد منهم معتزاً بهويته الشخصية ،والجماعات معتزة بهوياتها الاجتماعية ، والكل يعيش في وئام ، أم أن ثقافة السلام تتطلب تذويب الهويات الفئوية؟rnتحديد مفهوميتداول سياسيون ومثقفون مفردة (الهوية) كما لو أنهم يحملون عنها مفهوما مشتركا،فيما يشير واقع الحال إلى أنهم يختلفون في دلالاتها ومسمياتها. ولتوحيد هذا المفهوم وإشاعته في ميداني الثقافة والسياسة، نشير إلى أن الهوية على أنواع ،أهمها: :Personal Identity 1.الهوية الشخصيةوتعني ماهية الأفكار والقيم الثابتة نسبيا التي يحملها الفرد بخصوص نفسه ودوره وفئته الاجتماعية والإحساس بكينونته وصفاته الفردية.2. الهوية الاجتماعية الفئوية :وتعني الشعور بانتماء الفرد لجماعة اجتماعية ،وتقاليد ومشاعر خاصة بها،وهي على نوعين بالمجتمع العراقي :الهوية المذهبية (الطائفية)وتتمثل بطائفتي السّنة والشيعة ، والهوية العشائرية ،وتتمثل بالعشائر الكبيرة .3. الهوية القومية:وتعني إحساس الفرد بانتمائه لجماعة كبيرة أو شعب ،يشتركون في تاريخ واحد وقيم وعادات وفولكلور ومشاعر مشتركة بين بعضهم البعض.4.الهوية الوطنية:وتعني إحساس الفرد بانتمائه إلى وطن واحد تعيش فيه مكونات اجتماعية متعددة الهويات ،يشكلون شعبا يجمعهم ،على اختلافهم ،شعور مشترك بالاعتزاز بوطن عاشوا على أرضه لتاريخ طويل ،واكتسب اسم دولة لها علم واحد يميزها بين أعلام الدول.5.هوية الدور:وتعني ما ستدخله من توقعات مرتبطة بالمكانات المختلفة (سياسي، طالب ،صحفي،..).فيما تعني الأدوار الاجتماعية ،التوقعات المشتركة لدى الجماعة بخصوص الكيفية التي يتصرف بها أفرادها بنشاط خاص في سياق نشاط اجتماعي عام.6.الهوية الثقافية:وتعني أنماط السلوك والمعتقدات والقيم والفنون والآداب والخرافات ..والمنظور العام للأمور ما إذا كان مرنا أم متصلبا ، التي تميز جماعة اجتماعية أو مدينة أو وطن.7.الهوية الدينية: وتعني شعور الفرد بانتمائه لدين معين وإحساسه الداخلي نحو هذا الدين.8.الهوية الجندرية:وتعني مفهوم الشخص عن نفسه ،وماهية شعوره السيكولوجي بخصوص كونه ذكرا أم أنثى، والاختلافات في السلوك الناجمة عن الفرص المتاحة والتحديات والخبرات والمحددات التي تخلقها الأدوار الاجتماعية لكل من الرجل والمرأة.ولك أن تضيف ما شئت من الهويات التي تتنوع بتنوع المكونات الاجتماعية قد تصل إلى عشرات كما في الهند وأمريكا ، يشكلون شعبا أو شعوبا في حدود دولة لها علم واحد.rnتصنيف الهويات بحسب الحجممع تنوع الهويات فإنها تصنف على أساس حجم أفرادها كالآتي:1.هويات خاصة:وتعني هنا : الذات الحقيقية التي تجيب عن سؤالين مهمين :من أنا؟ وماذا أستطيع أن أفعل؟ ،ونوع مفهوم الذات لديه الذي يعني تشكيلة المعتقدات التي يحملها بخصوص طبيعته وصفاته وإمكاناته التي ينفرد بها ،وسلوكه النموذجي ،وكل ما يتعلق بالصورة الذهنية التي يحملها بخصوص نفسه.2.الهويات الفئوية:وتشمل الهويات المتعلقة بالانتماء لجماعات صغيرة أو متوسطة الحجم داخل المجتمع الأوسع ، وتضم الآتي : أ. الهويات المذهبية(الطائفية)ب. الهويات العشائريةج. الهويات الثقافية3.الهويات القومية : وتضم :أ. العرب ب. الكرد ج. التركمان د. الأقليات الأخرى 4. الهويات الدينية : وتضم :أ‌. المسلمين ب‌. المسيحيين ج. الصابئة د. الإيزيديين هـ. الديانات الأخرى 5. الهوية الوطنية:ينضوي تحتها كل المكونات الاجتماعية التي تعيش في وطن واحد اسمه العراق ، ودولة واحدة اسمها جمهورية العراق.إن" للهوية " الدور الأكبر في تحديد أهداف الفرد وتوجيه سلوكه ونوع العلاقة التي تربطه بجماعة اجتماعية أو جماعات،بخاصة في أوقات الأزمات . ونشير إلى حقيقة نفسية هي حاجة الإنسان لهويتين: واحدة للذات وأخرى اجتماعية..الأولى تمثل كينونته و " أناه " الخاص به، والثانية تمثل عضويته في جماعة مرجعية (قومية، دينية ، مذهبية.. ) وهما حاجتان مشروعتا
صراع الهويّات وثقافة السلام
نشر في: 10 إبريل, 2012: 08:47 م