TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > السطور الأخيرة: ذاكرة الماء

السطور الأخيرة: ذاكرة الماء

نشر في: 11 إبريل, 2012: 09:28 م

 سلام خياط كمزنة مطر ، زخت رسائل متماثلة على بريدي الألكتروني تحمل ذات الصيغة ، وتزين لي التوقيع على مضمونها بغية إيصالها لمنظمة ( اليونسكو) لتتحرك وتدرج دجلة ضمن  التراث الإنساني !!
خمس دقائق من وقتكم الثمين كفيلة بإنقاذدجلة من مشروع سد ( السو) الذي تزمع تركيا إقامته على مصب دجلة ، وهذا يعني جفافا كارثيا للعراق.. اكتبوا أسماءكم وعناوينكم في الأستمارة الموجهة لليونسكو، --والمكتوبة بأربع  لغات --لتتحرك وتدرج دجلة ضمن التراث الإنساني  وبذلك نضمن حمايته ،، نحتاج لثلاثين ألف صوت لتقديمها للمنظمة الدولية.. بادروا الساعة لإنقاذ أم البساتين .الرسالة غفل من التوقيع الشخصي، وهذا يعني إن  كاتبها والمروج لها لا يبغي مطمعا ولا مغنما ، ولا يرتجي شهرة .هل تكفي مناشدة المنظمة الدولية والتوسل إليها أن تحول دون قتل النهر على مرأى ومسمع ؟ هل يكفي الإستجداء للكف عن التعسف بإستعمال الحق الذي تدعيه تركيا وتنكره كل الأعراف والمواثيق والقوانين الدولية السارية بحق  ما يطلق عليه الأنهار الدولية التي تجري في أراضي أكثر من دولة والذي تعارف على إعتباره ملكا مشتركا بين جميع الدول التي يجري في أراضيها ، بعدما شحبت وتوارت أكثر النظريات السابقة : كنظرية السيادة المطلقة ،،وتبعتها  نظرية الوحدة الإقليمية  ، لتستقر المفاهيم على نظرية الملكية المشتركة ، والتي أفرد لها فصلا ضافيا في القانون الدولي للبحار والأنهار ، وبما يطلق عليه المسوؤلية الدولية ، بمعنى الآ تقوم أية دولة بأعمال من شأنها الإضرار بمصالح الغير ، ومن باب أولى ،، دول الجوار. في رأيي المتواضع – الشديد التواضع -- ، لن ينقذ دجلة مناشدة متوسلة ، مستجدية ،للمنظمة التي تسللت إليها السياسة من النوافذ والمزاريب ،، لن ينفع دجلة البكاء او التباكي على قطع شريان الحياة ... ينقذ دجلة هيبة البلد ، تفاني المسؤولين فيه على حقوق أرضه وبنيه ، ينقذ دجلة قوة  وخبرة وحنكة المفاوضين على إنتزاع جوهر القوانين الدولية الرادعة والنافذة والسارية المفعول .تريدون ثلاثة آلاف توقيع لئلا يصبح دجلة أثرا بعد عين ؟؟ هاكم ..ثلاثون مليون عراقي ، يبصمون بأهداب وحدقات عيونهم  قبل بصمات أصابعهم، ليظل للعراق نهر اسمه دجلة ، شربوا من عذب مائه ، واغترفوا من مباهجه ،ووشموا بوشمه ، صونا له وحفاظا عليه وعلى بلد بيع ، ماضيه وحاضره ومستقبله  بالجملة والمفرد ،، وأحيانا  ببلاش .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram