حازم مبيضينيؤشر القانون المقر من البرلمان المصري, الذي يتبناه الإسلام السياسي, والقاضي بمنع رموز نظام حسني مبارك من ممارسة النشاط السياسي, وابتداءً منعهم من الترشح لمنصب رئيس الجمهورية, إلى واحد من أمرين لا ثالث لهما, أولهما الخوف من قدرة هؤلاء على استعادة مواقعهم عبر صناديق الاقتراع, وبما يؤكد فقدان الثقة بالنفس, والخوف من المستقبل, وعدم الثقة بالجماهير التي منحتهم أصواتها, وأوصلتهم إلى البرلمان, أو شهوة الاستحواذ على السلطة بكل مفاصلها, والقفز على مبدأ الديمقراطية,
القائل بأن لكل مواطن الحق في اعتناق المذهب الذي يريد, والإيمان بالسياسة التي يرى أنها تلبي مصالحه, في خطوة تعيد إنتاج الدكتاتورية,ولكن بلبوس ديني هذه المرة, وهي أسوأ وأقسى أشكال الحكم.وما يثير السخرية والغضب أن بعض أعضاء البرلمان المنتخب من الإخوان والسلفيين تقدموا باقتراحات صبيانية لتوسيع مروحة الحرمان السياسي, كمنع زوجات قيادات الحزب الوطني السابقين, ومعهن مساعدو مبارك ونوابه ووزراؤه ومساعدوهم, وأمناء ومديرو أمن المحافظات, ومع كل هؤلاء نواب المجلس النيابي السابق, وبالضرورة أعضاء الحزب الوطني الذي كان يرأسه مبارك, والأكثر طرافة أن البعض اقترح الحرمان السياسي لرؤساء الأحزاب السياسية قبل الثورة ورؤساء الشركات والهيئات خلال الـ15 سنة السابقة, وأيضاً رؤساء البنوك ورجال الأعمال في عهد مبارك, ولو تبنى الإخوان المسلمون ومعهم السلفيون هذه الاقتراحات لبات مجلس الشعب مستحقاً بجدارة لأن يكون مجلس الشغب. لا يعني كل هذا اللغو والتطرف, ورغبة الإقصاء, أنه ليس هناك عقلاء في البرلمان المصري, اعتبروا هذه التوجهات سبيلاً لاستعداء قطاعات كبيرة من الشارع, وأن التوسع في الفئات المحرومة سياسياً, سيؤدي لخلق حزب وطني جديد ( حزب حسني مبارك ) في الظلام, وخصوصاً أن المحرومين سيكونون بالملايين, وأن الموقف الصحيح يجب أن يتمثل بالسعي لمصالحة وطنية, وقد ذكر هؤلاء تيار الإسلام السياسي, بأن ثورة عبد الناصر قامت بعزل جماعة الإخوان المسلمين, ومنعتهم من العمل السياسي, وحظرت تنظيمهم, لكنها لم تتمكن من القضاء عليهم, أو الحد من نفوذهم وقوتهم في الشارع, ولكنهم اليوم يتجاهلون أن بعض المحرومين على يد برلمان الإخوان والسلفيين, كانوا من فئات الفنيين والتكنوقراط, ولم يكونوا صناع سياسات.الإسلام السياسي في مصر يندفع بشراهة إلى السلطة, وهو لا يستمع لغير صوته, ولا يرى في الساحة سواه, ويتوهم أن الأغلبية الشعبية التي منحته أصواتها ستظل على ولائها له, حتى لو تحول إلى دكتاتورية تحكم باسم الله, وتعتبر نفسها وكيلة عنه, ومن المدهش أن هذه الهجمة على السلطة لا تترافق مع نضج سياسي عند أغلبية من ينتمون لهذا التيار, صحيح أن فيهم من يتقن لعبة السياسة, لكن فن إدارة الدولة يحتاج أكثر من ذلك, لكن الواضح أن انعدام الثقة بالمستقبل عند الإسلام السياسي في مصر, يدفع بالإخوان والسلفيين إلى هذه الهجمة, التي سترتد عليهم سلباً, لأنهم لا يتصرفون كأحزاب قوية واثقة من شعبيتها, وبما يمنحها أفضلية قيادة الحوار الوطني المطلوب, بدل التكالب على المناصب والألقاب. كنا ومازلنا ضد نظام مبارك وكل مفاصل الفساد فيه, ووقفنا بالتأكيد إلى جانب ثوار ميدان التحرير, الذين اختطف الإخوان تضحياتهم, وهم يحاولون اليوم تحويلها إلى محاكم تفتيش, لكننا كنا وسنظل نقف إلى جانب الحرية, ونرفض حرمان أي مواطن من التمتع بها, ونحن من هذا المنطلق أيدنا ثوار ليبيا وتونس ومصر واليمن, وكل من يرفع شعار الحرية والديمقراطية في عالمنا العربي, حتى لو اختلفنا معه في التفاصيل, وحتى إن كانت رؤاه السياسية والاقتصادية تتصادم مع رؤانا وتطلعاتنا, فالمهم في أول الأمر وآخره, الحفاظ على نعمة الحرية والديمقراطية, وصونهما والدفاع عن سيادتهما على كل مناحي الحياة.
في الحدث :الإسلام السياسي المصري وشهوة السلطة
نشر في: 13 إبريل, 2012: 09:26 م