د. جليل العطية صدقوني !بكيتُ عصر الجمعة (6/4/2012) وأنا أرى شيخي الدكتور حسين أمين البغدادي وهو يتقدم بمساعدة ثلاثة شباب وعصا صار يتوكأ عليها منذ أن أدركته الشيخوخة قبل نحو عشر سنوات.- كانت المناسبة توزيع جائزة الدكتور حسين أمين التي أطلقها- مشكوراً مذكوراً – الدكتور إبراهيم الاشيقر الجعفري – رئيس التحالف الوطني .
أقول : بكيتُ وانا – قاتل الله هذه الكلمة التي اضطر لاستخدامها كثيراً – عندما صدح أستاذي وأعلن أنه سيبلغ :التسعين بعد شهور ..يالله ! ياللزمن كيف يمضي !هذا على الرغم من أنني مؤمن بالله واليوم الآخر ، موقن أننا جميعاً ، ودائع بين يديه !بكيتُ (أنا) – ومعذرة – ضنين بالبكاء ، ضنين بالدموع ..ولو شئتُ أن ابكي دماً (لفعلته) لكن ساحة القبر اوسعُ.- خمسون عاماً عُمر صلتي بالدكتور أبي علي ..عرفته بُعيد عودته الى العراق ، إثر تخرجه في جامعة الاسكندرية .(قل تخرج في ولاتقل تخرج من)..وتم تعارفنا بواسطة شيخي الاخر الدكتور يوسف عز الدين بن السيد أحمد السامرائي – نسأ الله في عمره ، المقيم في بريطانيا – التي كانت عظمى – على وزن (فعلى) ، والعظام – بكسر العين مرض يصيب الشيوخ ، و (أم العظام) – جزيرة كانت تقع في (حي كرادة مريم ) بلغني أنها كانت أساس مبنى سفارة (الولايات المتحدة ، في بغداد )والجزيرة : معروفة محطة فضائية بلغني أنها تملك مكتباً . في مكان مامن العراق الاتحادي ، والنسبة اليها (جزري) – بالتحريك – وياما الذَحلاوة الجزر الكربلائية، اتذكر هذه المنطقة جيداً – فأثناء انعقاد المؤتمر التاسع للادباء العرب في بغداد – إن صحت ذاكرتي – في 1969 ، نظمت السلطات يومذاك برنامجاً حافلاً للمدعويين الضيوف ، وكان من حسن حظي أن امتطي قارباً من (شريعة بيت النواب) بالكرخ سار بنا باتجاه (أم العظام).- كنا ثلاثة: الاستاذ عبد الكريم غلاب – الأديب والوطني المعروف – رئيس حزب الاستقلال المغربي والأستاذ عبد الحميد عبد الكريم العلوجي – بالجيم الفارسية المعطشة والعبد كاتب السطور ..شرح – ابو غسَان العلوجي – دليل الضيف المغربي مناطق (الصوبين) وسط دهشة الأستاذ عبد الكريم ذي الوجه الأبيض الضحوك ، وذلك قبل أن اطلع على كتاب المؤرخ عماد عبد السلام رؤوف حول محلات وأسماء مواقع بغداد الامل ، بغداد التاريخ .والكرادة : والكرود . لاتحتاج الى تعريف .ومريم التي تنسب اليها سيدة لا نعرف عنها شيئاً .زرت كرادة مريم . أول مرة في حياتي عندما صعدنا – أسرتي وأنا الى العاصمة صيف 1959 من الكوت وكان تعرفي الى صديقي (خضر عباس الولي) – الاعظمي – الصحفي المخضرم نقطة تحول في انضمامي الى (الحزب البغدادي) – أي عشاق بغداد ، كانت (كرادة مريم) من وجهاتنا الاولى إلا إن انس سهرة أمضيناها في بيت الصديق (حارث طه الراوي) الشاعر الرومانسي الرقيق الموجود حاليا في دولة الامارات العربية المتحدة ، وأبوه طه الراوي – علامة العراق في أيامه ، خلال تلك السهرة التي كنا نسمع أثناءها الاذان ينطلق من مسجد ال الشاوي الكرام بينما كان الاستاذ يطلعنا على مكتبة والده الغنية بالمخطوطات والنوادر – اذكر أسماء قلة من أعلامها – لانني لا اعرف ان خصها احد بكتاب مفرد – وبين هؤلاء – مع حفظ الالقاب ياأولي الالباب :الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم والراحل نوري السعيد ومؤرخ أعلام العراق جعفر اسد الخليلي والعلويان المثيران للجدل هادي وحسن ، و (على جميل الشوك) – المفكر والروائي والحداثي وغيرهم .ومريم نامة ، رائدة الصحافة العراقية النسائية ، كرمت في الذكرى المئوية لتأسيس الصحافة العراقية (9 حزيران 1869 م هو يوم صدور جريدة (الزوراء))أقدم وأول جريدة أسست في تاريخ العراق الحديث ..والزوراء من اسامي مدينة بغداد .زرت اثناء زورتي – أي زيارتي – الى بغداد الازل – ماتبقى من (كرادة مريم ) فوجدتها أرضاً خالية ، لكنني فرحت – والكلام بيننا – عندما اكد لي صديقي الشاعر الدكتور حامد الرواي المستشار الثقافي للسيد وزير الثقافة أن هذه الارض اليباب او الخراب – بالاذن من الشاعر الانكليزي – ويسميه اخواننا المغاربة (الانقليزي) اسمه (ايليوت). ستتحول الى دار للاوبرا.بعد كل هذا الاستطراد غير الممل اختم الاشارة الى ان دار الاوبرا .العملاقة في باريس تحمل اسم (فرانسو ميتران) – الاشتراكي اليساري الذي رحل قبل انجازها فأطلق عليها منافسة اليميني (جاك شيراك) اسم ميتران في تقليد حضاري لا يعرفه العالم الثالث .وإلى الغد
ثرثرة باريسية: (تسعون) الدكتور حسين أمين (1)
نشر في: 13 إبريل, 2012: 09:43 م