صبيح الحافظنتحدث في موضوعنا هذا عن اتفاقية الإطار الإستراتيجي لعلاقة الصداقة والتعاون بين جمهورية العراق والولايات المتحدة الأميركية ، ولم نعن الاتفاقية الأولى المتعلقة بانسحاب القوات الأميركية من العراق بعد أن تم الانسحاب في نهاية عام 2011.
إن واقع العراق في هذه المرحلة وهو يعاني مشكلات عديدة ومتنوعة ، منها ما ورثها من النظام السابق ومن تداعيات عملية تغيير النظام وما أفرزته هذه العملية من تدمير دوائر ومؤسسات الدولة وإلغاء وجودها وبالتالي أصبحت عاجزة أو قاصرة عن تنفيذ مهامها في المجالات كافة سياسية واقتصادية وأمنية وغيرها.rn rnولمعالجة هذه المشكلات خطت حكومة العراق المنتخبة خطوة بالاتجاه الصحيح وذلك من خلال عقد شراكه مع الولايات المتحدة الأميركية ، وفعلاً تم إعلان مبادئ علاقة وصداقة طويلة الأمد بين جمهورية العراق وبينها وتم توقيع الإعلان المذكور آنفاً في 26 تشرين الثاني 2007 ، إن تبني تلك المبادئ التي احتواها الإعلان المذكور سوف يساهم في تعزيز وتنمية الديمقراطية في العراق وإنجاح العملية السياسية من خلال تعزيز المصالحة الوطنية وبناء اقتصاد متنوع ومتطور يضمن اندماج العراق في المجتمع الدولي. وبناء على تلك المبادئ تم إبرام اتفاقية للعلاقة المستقبلية بين الدولتين العراقية والأميركية في السابع عشر من شهر تشرين الثاني العام 2008 ، وقد حظيت هذه الاتفاقية بموافقة البرلمان بالإجماع عام 2009.لقد تعهدت الولايات المتحدة الأمريكية بموجب هذه الاتفاقية بمجموعة من المهام والمساعي في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية وغيرها وذلك لجعل العراق دولة قوية ومتكاملة ، ففي مجال السياسة نجد أن الولايات المتحدة الأمريكية قد تعهدت بتدعيم جهود حكومة العراق في إقامتها علاقات إيجابية مع دول المنطقة قائمة على أساس الاحترام المتبادل ومبادئ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخر والحوار الإيجابي بين الدول والحل السلمي للخلافات بما في ذلك المسائل المترتبة على ممارسات النظام السابق التي مازالت تلحق الضرر بالعراق.وفي ما يخص تعزيز الأمن والاستقرار في العراق فإن الحكومتين تواصلان العمل على وضع الترتيبات الدفاعية والأمنية من خلال تعزيز قدرة جمهورية العراق على ردع جميع التهديدات الموجهة ضد سيادتها وأمنها وسلامة أراضيها ، وفي مجال التعاون الثقافي والاجتماعي تقوم الحكومة الأميركية بوضع برامج الزمالات الدراسية للطلبة العراقيين في مجالات العلوم والهندسة والطب وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والإدارة العامة والتخطيط الإستراتيجي مع تسهيل عملية الطلبات للحصول على التأشيرات الأميركية من أجل تفعيل مشاركة المؤهلين العراقيين في النشاطات العلمية والتعليمية ،مع تبادل زيارات الفرق الرياضية وإجراء المباريات وغيرها من النشاطات الأخرى.ومن أجل تحسين صحة مواطني العراق تعهدت أميركا بالعمل لوضع برامج تبادل الأطباء الاختصاصيين وتشجيع نقل الخبرات في المجال الطبي والمساعدة في إقامة علاقات بين المؤسسات الطبية مع حماية البيئة الطبيعية وتقديم الخدمات والأجهزة الصحية الأميركية ، ومكافحة الأمراض والوقاية منها ، مع تقديم كل ما يعزز ويقوّي المؤسسات الصحية في العراق ، وفي مجال الزراعة وتنميتها وتطويرها القيام بتشجيع ووضع البرامج التي تؤدي إلى زيادة إنتاجية المحاصيل الزراعية بهدف تحقيق دخول أعلى وزيادة العمالة الزراعية مع تشجيع صادراتها ،وقد تضمنت الاتفاقية أيضاً التعاون في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بهدف النمو الاقتصادي وتنمية صناعة وسائل الاتصالات في العراق وذلك من خلال تبادل المعلومات وتشجيع مشاركة العراق الفعالة في اجتماعات ومبادرات منتدى إدارة الانترنت ، وكذلك دعم وتطوير آلية وأمن نظام العدالة الجنائية بما في ذلك الشرطة والمحاكم والسجون ،إن الاتفاقية تشمل أيضاً الكثير من المبادرات البناءة التي تعهدت بها الحكومة الأميركية لمساعدة العراق في مجالات عديدة في التجارة والاقتصاد والتنمية والإعمار والبناء وإقامة المصانع والمشاريع الخدمية الأخرى مثل توفير مياه الشرب وإنشاء السدود وإحياء الأراضي البور والمساعدة في تنمية الثروة الحيوانية بما فيها الثروة السمكية وغيرها من مجالات التطور والبناء بهدف جعل العراق من الدول المتقدمة إقليمياً ودولياً. ورغم مرور أكثر من ثلاث سنوات على إقرار هذه الاتفاقية لم تفعّل مبادئها بصورة كلية من قبل وزارتنا والدوائر الأخرى ذات العلاقة ، لذا نؤكد ضرورة مفاتحة الولايات المتحدة الأمريكية بالطرق الدبلوماسية على إبداء المساعدة من أجل التنمية والتطوير ومعالجة المشكلات في المجالات كافة ، وبالأخص مجال الصحة وصناعة الأدوية ، وكذلك تنمية الثروة الحيوانية والزراعة والمياه وغيرها.
ضرورة تفعيل اتفاقية التعاون والصداقة
نشر في: 14 إبريل, 2012: 08:00 م