TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > قرطاس :جمهورية العراق بالوكالة!

قرطاس :جمهورية العراق بالوكالة!

نشر في: 14 إبريل, 2012: 08:01 م

 أحمد عبد الحسين كان لافتاً تصريح النائب زياد الذرب للمدى أن 80 بالمئة من مؤسسات الدولة العراقية تُدار بالوكالة. كنّا نعرف أن مفاصل الدولة الأمنية كلها في يد شخص واحد هو الوكيل الأبديّ المخوّل عنا في حفظ الأمن، لكني لم أنتبه إلى وجود جيش من الوكلاء يديرون كلّ شيء تقريباً في دولتنا المنكوبة، فاجأنا السيّد الذرب أن هناك مثلاً 1200 مدير عام بالوكالة، مع ما يشتمل عليه كلّ ذلك من خروقات فاضحة للدستور في دولتنا دولة القانون.
أغلب الهيئات "المستقلة" لها وكيل يقوم مقام أصيل لم يأتِ ولا أظنه سيأتي، وتعيينات هؤلاء الوكلاء جاءت ـ بخلاف القانون ـ من قبل السلطة التنفيذية دون الرجوع إلى مجلس النوّاب المخوّل بالبتّ في تعيينهم، كما ينصّ الدستور في الموادّ "102" "103" و"105". كما أن هذه الهيئات "تذكروا .. ما زال اسمها الهيئات المستقلّة" يجب أن تكون مرتبطة بمجلس النوّاب لا بمكتب رئيس الوزراء كما هو معمول به حالياً في تقليدٍ يكسر هيبة القانون ودولته.هيئة الإعلام والاتصالات مثلاً، وهي من ضمن الهيئات "المستقلّة"، تُدار بالوكالة، مع أن الوكيل الحالي عُيّن بأمر ديوانيّ، كما أقيل سلفه بأمر ديوانيّ أيضاً، والمفارقة المضحكة المبكية أن مدير الهيئة يشغل منصبين متنافرين لا يلتقيان فهو رئيس مجلس الأمناء في الهيئة "وكالة أيضاً" ومدير عام للهيئة نفسها "ودائماً بالوكالة" مع أن أقلّ الناس معرفة بشؤون الإدارة يدرك أن المنصب الأول يحمل بعداً تشريعياً ورقابياً ويرسم السياسة العامة للهيئة، بينما الثاني ذو طابع تنفيذي بحت، فكأن السيّد المدير يصدق عليه لقب "ذو الرئاستين"، فهو يراقب نفسه بنفسه ويشرّع بنفسه لنفسه ويرسم لنفسه سياساته العامة ويشرف بنفسه على تطبيقها وقد يحاسب نفسه أيضاً وربما منح نفسه عقوبة إدارية، أو كافأ نفسه ومنحها امتيازات ومكارم إذا اقتنع بحسن أدائه التنفيذيّ، ويقال أنه يوماً ما طلب من نفسه إجازة فلم يوافقْ عليها لعدم قناعته بمبررات الطلب، وكتب هامشاً في أسفل الورقة: "يراجعني"!العراق يمشي بالوكالة، ولهذا فهو يمشي للوراء، والرغبة في الاستحواذ على كلّ شيء وعدم إشراك الآخرين، أنتج وسينتج بإذن الله وكلاء  أكثر فأكثر، يكفي أن نذكر أن المؤسسة الأمنية ـ وهي أخطر مفاصل الدولة الآن بسبب وضعنا الأمني المتردّي ـ هي المتضرر الأكبر من حرب الوكالات، معظم قادة الفرق هم وكلاء لا أصلاء، وتعيينهم هم أيضاً خرق للدستور، فهو تمّ ويتمّ دون الرجوع إلى مجلس النوّاب. لكنّ ذلك غير مهمّ فالدستور وضع ليُخرَق والقانون وُضع لنسمّي قوائمنا الانتخابية باسمه.نوّاب اتصلتْ بهم "المدى" اليوم قالوا ان القرار الساري لا يجيز أن يكون هناك وكيل لأكثر من ثلاثة اشهر فقط،  لكنّ جماعتنا مصرّون على ضرب القانون بقانونهم الخاصّ الذي جعل من العراق "عراقهم الشخصيّ" وكيلاً لعراقنا الأصليّ الذي غاب ولم يعدْ أحد يعرف أين هو الآن.الغريب العجيب أن السيّد الأمين العام لمجلس الوزراء "ومنصبه  بالوكالة أيضاً" هو الذي يصدّر أوامره لكل مؤسسات الدولة التي تدار وكالة.كيف يتقدّم البلد إذا كان وكيل يدير وكلاء؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram