حازم مبيضينلم يكن اختيار يوم التاسع من نيسان, موعداً لإسقاط تمثال صدام حسين في ساحة الفردوس اعتباطياً, فهو اليوم الذي يحتفل فيه البعثيون بذكرى تأسيس حزبهم, وكأنه كان يراد القول, إن إسقاط التمثال يؤشر إلى سقوط البعث, فكرةً ونظاماً, وفي اليقين أن من حق العراقيين, الذين عانوا طويلاً, من حكم وتسلط هذا الحزب الفاشي,
الاحتفال بذكرى سقوطه على مدى الأعوام, وأن يظل قائماً ومستمراً وحثيثاً الحفر في ثقافة الأجيال المقبلة, عن الكوارث التي واجهها الآباء إبان حكمه, حتى لا يكون هناك أي أمل بتسلله ثانية الى حياة العراقيين, بأي شكل من الاشكال.يبدو غريباً أن تلغي حكومة السيد المالكي عطلة العراقيين, للاحتفال بذكرى سقوط صدام, وهي التي تمنحهم عطلاً مطولة وزائدةً عن الحد, وبحيث تضرب بلاد الرافدين الرقم القياسي في عدد العطلات الرسمية, التي تترافق مع إغلاق طرق أو مدن بالكامل, لتنظيم مسيرات طقوسية, مع ما في ذلك من خسارات, يتكبدها الاقتصاد الوطني, وكان في الظن, أن أي حكومة عراقية لن تجرؤ على منع العراقيين, من الاحتفال بسقوط الصنم في ساحة الفردوس, وكان مأمولاً تكريسه يوماً لذكرى مئات آلاف الشهداء العراقيين, الذين سقطوا على يد البعثيين.المضحك أن قرار إلغاء عطلة التاسع من نيسان, تزامن مع ظهور غير بهي لعزة الدوري, الذي نصب نفسه قائداً لفلول حزب صدام, وهو بنياشينه المزيفة يتوعد ويهدد, وكأنه يتصور نفسه قائداً حقيقياً, وقد أثار خطابه الأخير, وهو يضع على كتفيه رتباً عسكرية يستعملها الجيش اليمني في الذاكرة, رسالته الطريفة للعقيد المقتول معمر القذافي, يعده فيها بجيوش بعثية, تركب البر والبحر والجو لنصرته, غير أننا لم نشهد لها أثراً, وهي لم تبعث الرعب في قلوب الثوار الليبيين, الذين أجهزوا على ملك الملوك, ودفنوا معه كتابه الأخضر, وجماهيريته الكرتونية المثيرة للسخرية والأسى في آن معاً.هناك من يقول تعليقاً على هذا التزامن, بأن حكومة السيد المالكي لجأت إلى هذا الإجراء المستهجن, في محاولة بائسة لاسترضاء البعض, وكسبه إلى جانبها في معركتها الطاحنة, مع شركائها في العملية السياسية, وهي معركة ينضم إليها بتزايد, العديد من مناوئي المالكي وحزب الدعوة, وكان بارزاً في الآونة الأخيرة, التحرك الكردي في هذا المضمار, والتهديد بسحب الثقة من المالكي وحكومته, واتهامه بمحاولة الاستئثار بكل المواقع والمناصب, وبما يهدد بتفريغ العملية السياسية من مضمونها الديمقراطي, ويؤسس لحكم دكتاتوري جديد يحكم فيه الحزب القائد, وتلتف من حوله أحزاب هامشية لاستكمال الديكور ليس أكثر.حافظ الكرد في إقليمهم على الاحتفال بذكرى سقوط الصنم, لأنهم يدركون مغزى اختيار هذا الموعد, وليؤكدوا استمرارهم في رفض الفكر الشوفيني الذي كان يحركه, مثلما يؤكدون رفضهم لأي محاولة للعودة إلى القائد الضرورة, سواء كان المالكي أم سواه, وهم يدركون أن الشعب العراقي شب عن الطوق, ولم يعد مقبولاً عنده غير الديمقراطية, كاملة في الجوهر والمظهر, ورغم إلغاء العطلة الرسمية بذكرى سقوط الصنم ونظام البعث معاً فإن ملايين العراقيين استذكروا فرحهم في ذلك اليوم الذي سيظل علامة فارقة في تاريخ العراق الحديث بعطلة أو بدونها.
في الحدث: عن التاسع من نيسان
نشر في: 14 إبريل, 2012: 09:13 م