هاشم العقابيالذين راهنوا على فشل عقد القمة العربية ببغداد، من داخل العراق وخارجه، كثيرون. لكن النتيجة أفشلت تلك الرهانات وانعقدت القمة بنجاح. لم يكن ذلك بقدرة قادر، بل بجهود دبلوماسية مضنية قادها وزير الخارجية بصبر وتأن طويلين. وبعد نجاح القمة تحول الرهان على فشلها الى شك في قدرة العراق على قيادة الجامعة العربية لمدة سنة كاملة.
هذه الشكوك تغذيها دول، هي بالاساس لم تحضر القمة الا مرغمة. وبالمقابل اسهم بعض ممن هم على راس السلطة بالعراق في منحها فرصة لتبرير شكوكها غير المنطقية من خلال تصريحات منحازة للنظام السوري. هذه العوامل وغيرها وضعت السياسة الخارجية العراقية امام تحد اشد صعوبة من امتحان قدرتها على عقد القمة. واساس هذه الصعوبة ان المنطقة التي نعيش فيها واقفة على شفة حفرة من حرب نوازعها طائفية خالصة حتى وان تغطت بعباءة الديمقراطية وحقوق الانسان. اخطر ما انتجته تلك النوازع هو انها احدثت تشابكا معقدا بين الارهاب والانتفاضات الشعبية كوسيلة لتحقيق مطالب الشعوب المشروعة. وهل هناك ما هو اصعب من ترأس تجمع لدول فيها من يرى حمل السلاح عند هذه الطائفة "جهادا" وعند الأخرى "إرهابا"؟ من باب الانصاف والموضوعية، اجد في بيان وزارة الخارجية العراقية الذي دان تفجير قرية "العكر" بالبحرين باعتباره عملا ارهابيا، خطوة صحيحة قبل ان تكون شجاعة. ما يسجل للبيان اولا، انه كان مكثفا وخاليا من شعارات المزايدة والاستفزاز (ثلاثة اسطر فقط). وثانيا، وهذا هو الاهم، انه قد فك الاشتباك بين الارهاب كفعل اجرامي غير مشروع وبين المطالب والحقوق المشروعة للشعوب، نظرا لوجود جهات عراقية عديدة ترى ان في البحرين اغلبية لم تنل حقوقها السياسية. ثم انه ثالثا، جاء منسجما مع موقف العراقيين الرافض للارهاب مهما كانت دوافعه لانهم عانوا منه ما لم يعانه شعب قبلهم ولا بعدهم.بيان وزارة الخارجية موقف لا بد منه لكل من يريد ان يتحمل مسؤولية قيادة تجمع مهم ومتنوع مثل الجامعة العربية. وهذه هي المواقف الصائبة والمسؤولة التي تبعدنا من أن نكون عرضة للتشكيك والسخرية مثل تلك التي يواجهها بعض من السياسيين العراقيين الذين يرفضون اسقاط نظام بشار بتدخل أجنبي، وهم جالسون على كراسي ما زالت تعبق برائحة بارود قذائف الطائرات، وغبار الدبابات الأجنبية.تحية للوزير هوشيار زيباري على بيان وزارته الشجاع الذي لم يحمل قيمة سياسية ، فقط، بل وقيمة تربوية تُدل الذي ينشد الانسجام مع الآخرين، عليه ان ينسجم مع مصلحة شعبه اولا ، حتى وان اغتاظ منه هذا الطرف أو ذاك.
سلاما ياعراق : الخارجية .. خطوة على طريق النجاح
نشر في: 14 إبريل, 2012: 09:17 م