TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > أحاديث شفوية: طريق بن بله

أحاديث شفوية: طريق بن بله

نشر في: 14 إبريل, 2012: 09:44 م

 احمد المهناضد الدكتاتورية. ضد الديمقراطية. حسنا الى أين نعطي وجهنا سيادة الرئيس؟أجابني أحمد بن بله بأنه لا يعرف. لابد من طريق ثالث. لا ديمقراطية الغرب صحيحة بنظره، ولا الدكتاتورية مقبولة.هذه اهم خلاصة أذكرها من حوار أجريته معه عام 2000 في جنيف. بعد الحوار، في لقاء خاص معه في اليوم التالي، رفض أن يسمع مني كلمة واحدة عن صدام حسين.
قال انه سمع الكثير عنه من المعارضة العراقية، وأصر على أن لا يسمع عنه أي زيادة مني. وكان، قبل ان أجري معه ذلك الحوار بسنوات، قد زار بغداد، والتقى صدام، تحت راية التضامن مع العراق ضد الحصار الدولي.كان يؤمن بأنه مخلص لأفكاره. لكن الحقيقة تكذب شطرا من هذا الإيمان. والسبب أبعد من أن يكون منفعة. فهو ليس محتاجا في ظني الى بيع المواقف لقاء المال. كان شديد الإعتداد بتاريخه، بشعبه، بالعروبة والإسلام. وتاريخه يستحق منه مثل ذلك الإعتداد. كان واحدا من ستة قادة للثورة الجزائرية ضد الإستعمار الفرنسي الذي دام 132 عاما. وقد نال من الأذى في ظل الجزائر المستقلة، أكثر مما نال في ظل الجزائر الفرنسية. سبع سنوات سجن استعمارية و15 وطنية. ورغم كل هذه المرارة لم يبد لي حانقا ولا حاقدا على رفيقه وخلفه، الرئيس هواري بومدين، الذي أطاح به في انقلاب عسكري. لكن كان لديه الكثير من الحنق، ومن الغضب، على الغرب السياسي. ولم يقلل منهما المنفى السويسري الذي عاشه باحترام كرئيس جمهورية سابق. ظل عداؤه للديمقراطية الغربية صادقا. انه رغم السجن الوطني، والمنفى والعودة، بقي مقيما هناك، في زمن النضال.ونضال بن بله استمر بعد التحرير، فقد عني بكل حركة معادية للغرب، في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية. وارتبط بعلاقة مع جيفارا الذي زار الجزائر المستقلة والتقى بن بله الرئيس. والظاهر ان الثائر فيه اكبر من الرئيس. وان اهتمامه بحركات التحرر الوطني أكبر من اهتمامه بإعمار الجزائر. على النقيض من خلفه الذي عد باني الجزائر المستقلة.وقبل حواري معه كنت قد قمت بواجب التحضير. وكنت أعرف أنه كان يعد أهدأ وأحكم رفاقه الخمسة قادة الثورة. وان ذلك أحد اسباب قبولهم توليه الرئاسة بعد التحرير. ولكن واجب الصحفي ان يسأل لا أن يجيب. وسألته عن اسباب قبولهم به رئيسا، كما يراها هو. وأجاب. لكنه عندما زارنا في اليوم التالي، قال لي بعصبية: كدت اقطع الحوار وأرفض مواصلته عندما وجهت الي هذا السؤال! فوجئت، كما فوجىء الحضور وبينهم ابنته بالتبني التي كانت حاضرة. وقلت مع نفسي: هذه هي الحال والرجل أعقل الرفاق؟على أي حال ربما كانت تلك العصبية فلتة عابرة. فقد اختير عام 2007 قائدا لمجموعة حكماء أفريقيا. ما يعني ان حكمته هي الأصل. ولكن الفلتة التي يشق اعتبارها عابرة هي رئاسته "اللجنة الدولية لجائزة القذافي لحقوق الإنسان". معها، ومع زيارته لصدام، يشكك المرء في صدقية موقفه "ضد الكتاتورية"، خلافا لموقفه الذي لا يقبل التشكيك "ضد الديمقراطية".رحل الرجل الى رحمة الله. ولم يظهر الطريق الثالث. طريق المجهول الذي يقطع الأمل. فماذا يبقى لنا نحن تعساء الأرض اذا انسدت بوجهنا الديمقراطية؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram