المحامي حسن شعبان معادلة صعبة في التأكيد على أهمية الإطار القانوني لحرية العمل الإعلامي بمختلف تسمياته وبين الحرية الواسعة غير المقيدة التي ينبغي أن يتمتع بها الإعلام والصحافة ومن دون موانع لحق المتلقي الذي يسعى لمعرفة الحقيقة كما هي .
وما يفصل بينهما خيط رفيع وضوابط محددة بحيث تصل بالحرية إلى القاعدة والقيود إلى حالات الاستثناء ، محددة وغير مطلقة ولا يجوز التوسع في التفسيرات والاجتهادات النظام العام والآداب والحفاظ على حقوق المواطنين والروح المعنوية للشعب وسلامة الأمن الوطني والقومي كلها كلمات فضفاضة تتسع إلى العديد من الاجتهادات والتأويلات تصل إلى حد أن يصل هذا الاستثناء بمنزلة القاعدة . فعلى سبيل المثال، الحديث عن مراعاة التقاليد والأعراف الاجتماعية فإن هذا الحظر في عرف البعض (مكاتب الرقابة والقابضين على أجهزة الإعلام) أن تضع كل تصرف مشروع وانساني تحت قيد المنع أو القيد الحكومي وبالتالي قد تمنع أعمالاً أدبية رائعة ومسلسلات ذات توجه اجتماعي حقيقي ومثلها في الأمن الوطني لافتة عريضة تصل حد منع الرأي الآخر في التعبير عن نفسه .لهذا ينبغي أن تحدد مثل هذه الأمور في أطار القانون وفي نصوص محددة وواضحة لا مجال فيها للاجتهاد والتوسع كي لا تترك مسألة حرية الصحافة والإعلام خاضعة لأمزجة هذا المسؤول أو ذلك لأن هذه الحرية هي أقرب إلى أن تكون مطلقة كما جاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين ومعظم دساتير الدول الديمقراطية. عليه فإن القانون الذي ينظم عمل الإعلام ينبغي أن يحقق أهدافاً مشروعة وأن لا يتعرض إلى جوهر الحق والحرية كما نص الدستور العراقي على ذلك صراحة وأن يكون متوازناً ولا أن يكون الضرر الذي يصيب حرية الإعلام أكبر من الهدف الذي يراد حمايته وعدم التشدد في الإجراءات ويصار إلى القوانين المدنية وليست الإجراءات العقابية.وفي العراق حيث عانى الشعب العراقي ماعاناه على يد أجهزة القمع الحكومية من نصوص قانونية وإجراءات إدارية وحكومية حالت دون أن تتمتع الأجهزة الإعلامية بأية حقوق تذكر بل تمت مصادرتها جميعاً وتحولت إلى جهاز أحادي التعبير ليس فيه للرأي الآخر أي مكان إذاً لابد من مراجعة حقيقية لكل القوانين المتعلقة بالصحافة والإعلام ومراعاة أن تلتزم القوانين الجديدة بالمعايير الدولية للعمل الإعلامي.حرية الحصول على المعلومة شرط أساسي لأي تشريع جديد، إذ بدونه لا يمكن للصحافة والإعلام التعبير بحرية واطلاع المتلقي على حقيقة ما يجري ولا بأس أن تكون هناك استثناءات محددة تلك التي تنطلق من أمن الوطن وسلامته.والأمر المهم أيضاً هو تنظيم مهنة الصحافة والإعلام في قانون يلتزم بما أقره الدستور العراقي في باب الحريات والحقوق وفي مقدمتها حرية التعبير وما نصت عليه الشرعية الدولية لحقوق الإنسان من خلال نصوص ومعايير شفافة غير مقيدة لأية حقوق وضمان تعددية واستقلالية منظمات الصحافة والإعلام وفق أهداف ومبادئ مشتركة.وأخيراً تبقى (الحرية المطلقة) في الصحافة والإعلام هي الطريق الأسلم والأكثر ديمقراطية في القانون الدولي، إذ يعتبر أمر تحديد الشخص الذي يحق له ممارسة العمل الصحفي عملاً غير قانوني.
الأطر القانونية وحرية العمل الإعلامي
نشر في: 11 أكتوبر, 2009: 06:49 م