TOP

جريدة المدى > محليات > طيور بلا أجنحة

طيور بلا أجنحة

نشر في: 15 إبريل, 2012: 09:09 م

 سعاد الجزائريترتفع الطيور لتبقى محلقة  في سمائها العالية، هذا هو قانون الطبيعة الذي لا يخترق.. لكن الاختراق يتم بمنتهى السهولة في قانون السياسة، فطيورها ومناصبها المفتعلة ترتفع بسرعة، لأن أجنحتها تخفق وتخنق هواء تنفسنا أسفل لترتفع عاليا بأجنحة شمعية، ما ان تقترب من أشعة الحقيقة حتى تذوب فتنحدر سريعا الى هاوية معدة مسبقا..
طيور السماء تهاجر وتعود. تتوالد اجيالا تشبهها، تطير نحو اتجاه واحد وتسير أسرابا لا تتفرق عن بعضها، لأن الضياع سيكون مصيرها المحتوم ان تشتت شملها، لكن طيور الارض، المتشبهة بالاولى، لها مخالب تنهش بعضها وكل واحد منها يريد ان يكون في مقدمة السرب، فيتفاقم الصراع حتى يضيع السرب بأكمله، وتتيه الاتجاهات...فأين نحن بين طيور السماء وطيور الارض؟.. أضعنا الاتجاه، وفقدنا الاجنحة، ولم يعد ذلك السرب الذي كنا فيه وبضمنه، فتفرقنا بين سماء لا نهائية وارض تتباعد كلما اقتربنا منها، واضحينا تائهين بين اجنحة تكسرت وسرب تشتت..وما زال بعضنا يبحث عن بعد الارتفاع الذي يريد ان يصله، غافلا  اومتجاهلا حقيقة: ( ما طار طير وارتفع الا كما طار وقع....) ويزداد مشهد الفشل بؤسا فلم نعد نرى الا تساقط الطيور بين فضاء الرذيلة وانحسار الفضيلة..الكل يركض نحو قمة عالية في وهم دنيوي يتعارض مع قيم غير دائمة وخديعة زائلة.. لأن فرضية الارتفاع المزيف  في خيالنا موجودة، لكن حتمية السقوط في واقعنا قائمة لا محالة.. وبين الارتفاع والسقوط مساحة ستتسع يوما بعد اخر، لنكون ضحايا ثمن الارتفاع الذي لا بد ان يلازمه السقوط.ما الذي يريده بعضنا، واي بعض فينا يصارع الاخر، وعن أي هدف نتصارع، فالحلم ضاع والامل يوشك على الاحتضار... وبين الحقيقة والوهم جيل يتفتت لان الصراع يسقط المتقادم فينا، ويبدد حلم القادم منا.اراهم يتراكضون نحو قمة في قعرجبل الحياة، والحياة بمنأى عنهم، لانهم صاروا سرابا سيتبدد، ووهما سيضيع بين ذرات التراب..ما الذي يبقى للانسان حينما يتسرب منه الحلم ويتسلل منه الامل.. ولم يحصل ذلك حينما قهرنا الظلم السابق، لان الأمل بزوال الطاغية كان حاضرا، والحلم بالتغيير كان ماثلا امامنا، لكننا اليوم نسقط في عمق يزداد غموضا وظلمة خطوة بعد اخرى، وحينما تفصح عن وجعك هذا، يقول بعضهم،( لولا الأمل لبطل العمل). أي أمل هذا  حينما يصبح العمل مصدرا للفساد والافساد. وبعدما كان دواء الجائع، صار داء المتخم بفساده وجشعه..تتزاحم الافعال وردودها في نفس انساننا اليوم، فلم يعد يعرف اين صحيحه من خطئه، واين صدقه من نفاقه، واين تكمن النيات الطيبة في زحمة الصراع على مقتل الحق. نتسلق على بعضنا، وندوس بارجلنا ونحن في لجة الصعود ,قيم ومفاهيم تحتضر، ولم نعد نسمع انين الحقيقة، لان صراخ الكذب يدوي في كل زواية فينا..والكل يتساءل ما الذي حل بنا؟ وكأننا لسنا من هذا الكل او خارج محيط صورته، جميعنا داخل هذا الاطار، وكل واحد يتفاعل مع الافعال وفق ما تبقى به من قيم واصالة، او يتخلى عنها جانبا، لكي يتسابق مع الصاعدين الى قمة ستقوده الى الاسفل يوما ما. نام الجرح وبقي الالم ينزف دما أزرق، واصفرت السماء فتشققت الارض، وصار البكاء بدون دمع، والضحك بدون ابتسامة، والوجع بدون آه، والجوع بدون لقمة، والعطش لا ماء له.. لاننا انشغلنا بالطيور التي سترتفع ونحن بانتظار موعد وقوعها..طيور ارتفعت لكنها ستهوي، لأنها بلا اجنحة !

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

مقالات ذات صلة

موجة مطرية تستقبل شهر رمضان
محليات

موجة مطرية تستقبل شهر رمضان

بغداد/ المدى رجح المتنبئ الجوي صادق عطية، هطول الامطار خلال الاسبوع الاول من شهر رمضان. وقال عطية، إن «الموجة القطبية التي يمر بها العراق بلغت درجة الذروة ابتداء من يومي الثلاثاء والاربعاء»، مبينا ان...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram