TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > محمود صبري: الفنان والمفكر

محمود صبري: الفنان والمفكر

نشر في: 16 إبريل, 2012: 07:17 م

د . مهدي الحافظ  فقدنا فجأة رمزا كبيرا من رموز الفن والفكر: محمود صبري ، تعرفت عليه في براغ في مطلع الستينات وفي أعقاب انقلاب شباط المشؤوم، حيث انخرط منذ قدومه في "حركة الدفاع عن الشعب العراقي" التي تكونت آنذاك بمبادرة من شخصيات وطنية وديمقراطية برئاسة الأستاذ الكبير محمد مهدي الجواهري .
كان قبل ذلك التاريخ في موسكو حيث أمضى فترة تدريب واطلاع قصيرة . كان انطباعي الأولي عنه ، انه شخص جدي ودؤوب وشديد الرغبة في التعلم . ثم امتدت الأيام بنا فوجدته عميق التفكير وحساسا للغاية ومليئا بالإخلاص لعمل ما هو جديد ومتجدد. وعندما تطور الجدل السياسي والفكري بين العراقيين والمناضلين منهم  بوجه خاص، برز محمود صبري في مقدمة الداعين للتغيير والرجوع إلى المفاهيم الأصيلة في الفكر الثوري. بل تطور الأمر، ليكون الرجل صاحب النظرة الجديدة في أساليب الفن والدعوة إلى ما سمي آنذاك بـ "واقعية الكم". بل اصطحب هذه الفكرة المتميزة ، بالبحث عن أصول ( البعث ) وارتباطه العميق بالفكر الفاشي والنازي واصدر مجموعة مقالات عن تاريخ البعث وأفكاره ومنهجه العنفي الذي طبق آنذاك في العراق. وقام بنشر بحثه هذا في مطبوعات "حركة الدفاع عن الشعب العراقي".كنت التقي به مرارا وفي شقته الصغيرة وخارجها ونتحدث كثيراعن متطلبات التغيير والحاجة لصياغة مفاهيم وأفكار جديدة. وذكر لي مرارا أن الماركسية لم تفهم جيدا وباتت الحاجة ماسة لصياغة رؤية جديدة مستوحاة من صلب هذه النظرية وتجارب الشعوب التي سارت في طريقها. لهذا توجه الفقيد جديا لفهم العلاقة بين الفن والعلم. وابتكر المدرسة المعروفة بـ "واقعية الكم" . كنت اسأله ، كيف لك أن تبتعد عن الوظيفة الاجتماعية للفن بهذه الرؤيا، وتبالغ بالمضمون العلمي للصياغة الفنية دون حساب للجوانب الاجتماعية. كان مؤمنا بالقاعدة العلمية ( أو الكيماوية ) للكثير من الإشكال والصياغات التشكيلية حتى انه أنتج العديد من اللوحات وفقا لهذا الأسلوب أو المنهج . ثم أردف الحديث عن الأصول والمفاهيم الرصينة بالدعوة لقراءة كتاب فريدريك انجلس المسمى ( دايلكتيك الطبيعة ). وهو كتاب يمزج بين تطور الفكر والمعطيات العلمية ويعتبر من الأصول الكبيرة في الفكر الماركسي . ومع أن رؤيته الجديدة هذه لم تلق تأييدا واسعا إلا أنها تمثل درجة مهمة في الابتكار والإبداع الفكري والفني.من المهم أن نذكر أن الفقيد كان محبا للحياة ومتعلقا بالمستقبل وحريصا على التجديد في كل شيء. أمضى السنوات الطويلة الماضية في عزلة حقيقية ولم تحركه أية دوافع سوى الإخلاص للفن والفكر الجديد. كما أن أعماله الفنية المتميزة ، كانت هي الأخرى صورة مباشرة عن حقيقة مشاعره وحبه للوطن والشعب والمستقبل الجديد .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram