سرمد الطائيتقرير مفيد جدا افرجت عنه وزارة التخطيط مؤخرا وضع بين ايدينا معلومات مهمة عن البلاد، لكنه انهمك في ذكر معلومات عن الشعب، ولم يتطرق الى "الاوضاع الحرجة" لكبار مسؤولينا واولادهم ايضا، والتي تثير قلقنا على طموحاتهم وتطلعاتهم لخدمتنا. وحتى تصدر الوزارة تقريرا مفصلا عن وضع اخواننا من كبار المسؤولين،
يمكن ان نضع بين ايديها الحقائق التالية، اذ ليس من الاخلاق ان نهتم بوضع الشعب ولا نذكر وضع المسؤولين الاحباء.فقد شهد العراق الجديد اكبر عملية تضخم في طواقم كبار المسؤولين مدنيا وعسكريا، حسب مسؤول رفيع كان يحدثني مؤخرا. ذلك ان المسؤوليات تضخمت فتضخم المسؤولون تبعا لذلك وتضخمت حماياتهم ورواتبهم وايفاداتهم وفواتيرهم ومنازلهم والرقع الجغرافية التي يحتلونها على شواطئ دجلة والفرات. وعلى قدر اهل العزم وعددهم، تأتي العزائم.لكن علينا الاعتراف بأن مسؤولينا ورغم كثرة عددهم اللافتة، يواجهون عوائق كثيرة في تقديم الخدمات للجمهور، وسأذكر منها ما يلي. اولا: رغم ازدياد عدد مسوؤلينا الكبار مدنيا وعسكريا بشكل كبير جدا، الا انهم يحكمون حاليا بلدا يشهد نقصا كبيرا في الكفاءات والخبرات لمختلف المجالات. وخلال لقاءات مع مسؤولين في وزارات النفط والتخطيط والصحة، اجمع هؤلاء على ان اهم الخبراء في مؤسساتهم قد هاجروا منذ تسعينات صدام حسين الطاحنة. وعلى سبيل المثال فإنه لم يبق في العراق سوى 5 بين اهم 20 جراح قلب عراقي. كما ان 90 في المائة من خبراء وزارة التخطيط وهي عقل الدولة المدبر، قد تركوا البلاد وعجزت الحكومة عن ارجاعهم. وكيف سينجح المسؤول في الانجاز حين يرفض الخبراء العودة؟وهكذا حاول كبار المسؤولين تعويض الكفاءات الهاربة فتسلحوا بأقصى طاقاتهم الممكنة وشمروا عن سواعدهم لبناء البلاد بدلا عن الكفاءات والخبرات المهاجرة، فإنما الاعمال بالنيات لا بالخبرات. لكن معظم المسؤولين ظلوا بلا منجز حقيقي، لان يد الارهاب عطلت الجزء الاكبر من عجلة الحياة ومنعت مسؤولينا من اداء مهامهم على الوجه المطلوب، وهذا ثاني سبب يعرقل مسؤولينا.وظل معظم مسؤولينا بلا منجز حقيقي، رغم السفرات الكثيرة التي قاموا بها الى الخارج لجذب الشركات الكبرى للعمل هنا، والسبب ان الفساد بين صغار الموظفين العراقيين شوه سمعة كبار المسؤولين، ومنع الشركات الاجنبية من المجيء إلينا والعمل مع كبار مسؤولينا لادارة عجلة البناء، وهذا ثالث الاسباب. وإذا نزل البلاء عم الصالح والطالح.واليكم السبب الرابع، فقد ظل معظم مسؤولينا بلا منجز حقيقي رغم كل الايفادات التي قبضوا ثمنها، اذ فشلوا في المجيء بخبراء اجانب لاصلاح الوضع الاداري البدائي، لاننا كشعب وبسبب الفقر والتخلف والعنف، عكسنا صورة سيئة لبلادنا جعلت الخبراء الاجانب يكرهون المجيء للعمل معنا. اما السبب الخامس فهو ان دول الجوار "المعادية للعملية السياسية" تتآمر على جهود مسؤولينا وتنافسنا على الخبراء الاجانب وتقدم لهم مغريات متنوعة وجذابة لا يستطيع كبار مسؤولينا تقديمها للاجانب في العراق الجريح.واستنادا لتقرير وزارة التخطيط فهناك سبب سادس يمنع مسؤولينا من خدمتنا بصورة صحيحة، رغم كل استعداداتهم لخدمتنا وذهابهم صباحا ومساء عبر الشوارع الخطرة وحركتهم الصعبة بين سياراتنا وما يبذله حماياتهم من جهود مشكورة اثناء زعيقهم في وجوهنا. فكما ان كبار مسؤولينا يتزايدون عدديا بطريقة لافتة، فإن وزارة التخطيط تقول ان نفوس العراق تتزايد بطريقة لافتة وقد زادت مليونين ونصف المليون نسمة قبل ايام، وهكذا فقد تكاثرنا كثيرا وبات من الصعب على مسؤولينا رغم اصرارهم على خدمتنا، ان يديرونا بطريقة تليق بطموحاتهم الخيرة لشعبنا وجماهيرنا. وتقرير وزارة التخطيط يعني منطقيا ان نمونا السكاني سيشكل معضلة ليس لكبار مسؤولينا وحسب، بل ولاولاد مسؤولينا الذين سيخلفونهم في المسؤولية بالتأكيد وسيكونون جديرين بها في الغالب، خلال السنوات العشرة المقبلة.وكان الله في عون اولاد كبار مسؤولينا عام 2022، اذ ستنجح يومها خطط كبار مسؤولينا لانتاج 11 ألف ميغاواط كهرباء، ولكن نفوسنا ستكون يومها 44 مليون نسمة ولن تكفي الكهرباء التي ناضل من اجل توفيرها المسؤولون الاوائل والاباء المؤسسون للعراق الجديد، وسيكون على الاولاد ان يكملوا ما قام به الاباء. وهذه 6 اسباب تعرقل مسؤولينا، اما الاربعة الاخرى فعلى القارئ ان يكتشفها بنفسه، فليس كل ما يعلم يقال.
عالم آخر: 10 عوائق تعرقل كبار مسؤولينا
نشر في: 16 إبريل, 2012: 09:09 م